responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطرق الحكمية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 78
عَلَيْك بِمِائَةٍ، فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ، وَقَالَ لِلْمُدَّعِي: أَنَا لَا أَعْلَمُ أَنَّ فُلَانًا أَحَالَك "، وَلَكِنْ احْلِفْ وَخُذْ، فَهَاهُنَا إنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يُحْكَمْ لَهُ بِنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَهَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُوَ فَصْلُ النِّزَاعِ فِي النُّكُولِ وَرَدِّ الْيَمِينِ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[فَصَلِّ فِي مَذَاهِب أَهْل الْمَدِينَة فِي الدَّعَاوَى]
31 - (فَصْلٌ)
فِي مَذَاهِبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي الدَّعَاوَى وَهُوَ مِنْ أَسَدِّ الْمَذَاهِبِ وَأَصَحِّهَا، وَهِيَ عِنْدَهُمْ ثَلَاثُ مَرَاتِبَ: الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى: دَعْوَى يَشْهَدُ لَهَا الْعُرْفُ بِأَنَّهَا مُشْبِهَةٌ، أَيْ تُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ حَقًّا.
الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ: مَا يَشْهَدُ الْعُرْفُ بِأَنَّهَا غَيْرُ مُشْبِهَةٍ، إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُقْضَ بِكَذِبِهَا.
الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ: دَعْوَى يَقْضِي الْعُرْفُ بِكَذِبِهَا.
فَأَمَّا الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى: فَمِثْلُ أَنْ يَدَّعِيَ سِلْعَةً مُعَيَّنَةً بِيَدِ رَجُلٍ، أَوْ يَدَّعِيَ غَرِيبٌ وَدِيعَةً عِنْدَ غَيْرِهِ، أَوْ يَدَّعِيَ مُسَافِرٌ: أَنَّهُ أَوْدَعَ أَحَدَ رُفْقَتِهِ، وَكَالْمُدَّعِي عَلَى صَانِعٍ مُنْتَصِبٍ لِلْعَمَلِ: أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ مَتَاعًا يَصْنَعُهُ، وَالْمُدَّعِي عَلَى بَعْضِ أَهْلِ الْأَسْوَاقِ الْمُنْتَصِبِينَ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ: أَنَّهُ بَاعَ مِنْهُ أَوْ اشْتَرَى، وَكَالرَّجُلِ يَذْكُرُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ: أَنَّ لَهُ دَيْنًا قِبَلَ رَجُلٍ، وَيُوصِي أَنْ يُتَقَاضَى مِنْهُ فَيُنْكِرُهُ وَمَا أَشْبَهَ هَذِهِ الْمَسَائِلَ. فَهَذِهِ الدَّعْوَى تُسْمَعُ مِنْ مُدَّعِيهَا، وَلَهُ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مُطَابَقَتِهَا، أَوْ يَسْتَحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَا يَحْتَاجُ فِي اسْتِحْلَافِهِ إلَى إثْبَاتِ خُلْطَةٍ.
وَأَمَّا الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ: فَمِثْلُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ، لَيْسَ دَاخِلًا فِي الصُّوَرِ الْمُتَقَدِّمَةِ، أَوْ يَدَّعِيَ عَلَى رَجُلٍ مَعْرُوفٍ بِكَثْرَةِ الْمَالِ: أَنَّهُ اقْتَرَضَ مِنْهُ مَالًا يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ، أَوْ يَدَّعِيَ عَلَى رَجُلٍ، لَا مَعْرِفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ أَلْبَتَّةَ: أَنَّهُ أَقْرَضَهُ أَوْ بَاعَهُ شَيْئًا بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَجَلٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَهَذِهِ الدَّعْوَى تُسْمَعُ، وَلِمُدَّعِيهَا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مُطَابَقَتِهَا.
قَالُوا: وَلَا يَمْلِكُ اسْتِحْلَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى نَفْيِهَا إلَّا بِإِثْبَاتِ خُلْطَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْخُلْطَةُ أَنْ يُسَالِفَهُ، أَوْ يُبَايِعَهُ أَوْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ مِرَارًا.
وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا تَكُونُ الْخُلْطَةُ إلَّا بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بَيْنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ. قَالُوا: يُنْظَرُ إلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي.
فَإِنْ كَانَتْ تُشْبِهُ أَنْ يُدَّعَى بِمِثْلِهَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: أُحْلِفَ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا تُشْبِهُ، وَيَنْفِيهَا الْعُرْفُ: لَمْ يَحْلِفْ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خُلْطَةً.
قَالُوا: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ خُلْطَةً، وَكَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُتَّهَمًا، فَقَالَ سَحْنُونٌ: يُسْتَحْلَفُ الْمُتَّهَمُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ خُلْطَةً، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يُسْتَحْلَف.

اسم الکتاب : الطرق الحكمية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 78
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست