responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطرق الحكمية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 77
{اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106] .
ثُمَّ قَالَ: {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 107] {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ} [المائدة: 108] .
وَأَمَّا السُّنَّةُ: فَحَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقَسَامَةِ بِالْأَيْمَانِ عَلَى الْمُدَّعِينَ، فَقَالَ: «تَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ بِأَنْ يُقْسِمَ خَمْسُونَ: أَنَّ يَهُودًا قَتَلَتْهُ. فَقَالُوا: كَيْف نُقْسِمُ عَلَى شَيْءٍ لَمْ نَحْضُرْهُ؟ قَالَ: فَيَحْلِفُ لَكُمْ خَمْسُونَ مِنْ يَهُودٍ مَا قَتَلُوهُ» .
قَالَ: فَرَدَّهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْآخَرِينَ، بَعْدَ أَنْ حَكَمَ بِهَا لِلْأَوَّلِينَ. فَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي رَدِّ الْيَمِينِ. قُلْت: وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ.
وَصَوَّبَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَرَضِيَ عَنْهُ: وَلَيْسَ الْمَنْقُولُ عَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي النُّكُولِ وَرَدِّ الْيَمِينِ بِمُخْتَلِفٍ، بَلْ هَذَا لَهُ مَوْضِعٌ، وَهَذَا لَهُ مَوْضِعٌ، فَكُلُّ مَوْضِعٍ أَمْكَنَ الْمُدَّعِيَ مَعْرِفَتُهُ وَالْعِلْمُ بِهِ فَرَدَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ، فَإِنَّهُ إنْ حَلَفَ اسْتَحَقَّ، وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يُحْكَمْ لَهُ بِنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَهَذَا كَحُكُومَةِ عُثْمَانَ وَالْمِقْدَادِ، فَإِنَّ الْمِقْدَادَ قَالَ لِعُثْمَانَ: " احْلِفْ أَنَّ الَّذِي دَفَعْته إلَيَّ كَانَ سَبْعَةَ آلَافٍ وَخُذْهَا " فَإِنَّ الْمُدَّعِي هُنَا يُمْكِنُهُ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ وَالْعِلْمُ بِهِ، كَيْف وَقَدْ ادَّعَى بِهِ؟ فَإِذَا لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يُحْكَمْ لَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ.
وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ الْمُنْفَرِدُ بِمَعْرِفَتِهِ، فَإِنَّهُ إذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ، وَلَمْ تُرَدَّ عَلَى الْمُدَّعِي، كَحُكُومَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَغَرِيمِهِ فِي الْغُلَامِ. فَإِنَّ عُثْمَانَ قَضَى عَلَيْهِ " أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ بَاعَ الْغُلَامَ وَمَا بِهِ دَاءٌ يَعْلَمُهُ " وَهَذَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْلَمَهُ الْبَائِعُ، فَإِنَّهُ إنَّمَا اسْتَحْلَفَهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ: أَنَّهُ لَا يُعْلَمُ بِهِ دَاءٌ، فَلَمَّا امْتَنَعَ مِنْ هَذِهِ الْيَمِينِ قَضَى عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ.
وَعَلَى هَذَا: إذَا وَجَدَ بِخَطِّ أَبِيهِ فِي دَفْتَرِهِ: أَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَكَذَا، فَادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ، فَنَكَلَ. وَسَأَلَهُ إحْلَافَ الْمُدَّعِي: أَنَّ أَبَاهُ أَعْطَانِي هَذَا، أَوْ أَقْرَضَنِي إيَّاهُ، لَمْ تُرَدَّ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، فَإِنْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِلَّا قُضِيَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ، لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَعْلَمُ ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ: أَنَّ فُلَانًا أَحَالَنِي

اسم الکتاب : الطرق الحكمية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 77
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست