responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح العقيدة الأصفهانية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 169
كعزل اللمس عن إدراك الأصوات وجميع الحواس عن إدراك المعقولات فإن لم يجوز هذا فقد أقمنا البرهان على إمكانه بل على وجوده.
وأخذ يستدل بالخواص الموجودة في الطبيعيات على إمكان خواص ثابتة في الشرعيات وأن تلك إذا لم تعرف بقياس العقل فكذلك الأخرى.
قال: وإنما تدرك هذه الخواص بنور النبوة، قال: والعجب أنا لو غيرنا العبارة إلى عبارة المنجمين لصدقوا باختلاف هذه الأوقات، فنقول: ليس يختلف الحكم والطالع بأن تكون الشمس في وسط السماء أو في الطالع أو في الغارب حتى بنوا على هذا في تسييراتهم اختلاف الصلاح وتفاوت الأعمار والآجال.
فلا فرق بين الزوال وبين كون الشمس في وسط السماء ولا بين المغرب وبين كونه في الغارب فلم يكن لتصديقه سبب إلا أن ذلك سمعه بعبارة منجم جرب كذبه مائة مرة، ولا يزال يعاود تصديقه حتى لو قال له المنجم إذا كانت الشمس في وسط السماء ونظر الكوكب الفلاني فلبست ثوبا جديدا في ذلك الوقت قتلت في ذلك الوقت، فإنه لا يلبس الثوب في ذلك الوقت وربما يقاسي فيه البرد الشديد، وربما سمعه من منجم قد جرب كذبه مرات فليت شعري من يتسع عقله لقبول هذه البدائع ويضطر إلى الاعتراف بأنها خواص معرفتها معجزة لبعض الأنبياء كيف ينكر مثل ذلك فيما يسمعه من قول نبي صادق مؤيد بالمعجزات لم يعرف قط بالكذب ولم لا يتسع لإمكان هذه الخواص في أعداد الركعات ورمي الجمار وعدد أركان الحج، وسائر تعبدات الشرع، ولم نجد بينها وبين خواص الأدوية والنجوم فرقا أصلا فإن قال: قد جربت شيئا من النجوم وشيئا من الطب فوجدت بعضه صادقا فانقدح في نفسي تصديقه وسقط عن قلبي استبعاده ونفرته.
وهذا لم أجربه فيما أعلم وجوده وتحققه وإن أقررت بإمكانه فأقول: إنك لا تقتصر على تصديق ما جربته بل سمعت أخبار المجربين وقلدتهم فاسمع أقوال الأنبياء فقد جربوه وشاهدوا الحق في جميع ما ورد به الشرع أو اسلك سبيلهم تدرك بالمشاهدة بعض ذلك على أني أقول: وإن لم تجرب فيقتضي عقلك بوجوب التصديق والاتباع قطعا.
فإنّا لو فرضنا رجلا بلغ وعقل ولم يجرب ومرض وله والد مشفق حاذق بالطب يسمع دعواه في معرفة الطب منذ عقل فعجن له والده دواء وقال: هذا يصلح لمرضك ويشفيك من سقمك، فماذا يقتضيه عقله وإن كان الدواء كريها مرّ المذاق أن يتناول أو يكذب ويقول: أنا لا أعرف مناسبة هذا الدواء لتحصيل الشفاء ولم أجربه، فلا شك أنك تستحمقه إن فعل ذلك، فكذلك يستحمقك أهل البصائر

اسم الکتاب : شرح العقيدة الأصفهانية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 169
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست