responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح العقيدة الأصفهانية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 168
متعارضة فلا ثقة برأي أهل الرأي، والداعي إلى التعليم متحكم لا حجة له فكيف ندع اليقين بالشك.
وقائل خامس يقول: لست أفعل هذا تقليدا ولكني قرأت علم الفلسفة وأدركت حقيقة النبوة وأن حاصلها يرجع إلى المصلحة والحكمة وأن المقصود من تعبداتها ضبط عوام الخلق وتقييدهم عن التقاتل والتنازع والاسترسال في الشهوات فما أنا من العوام الجهال حتى أدخل في حجر التكليف، وإنما أنا من الحكماء أتبع الحكمة وأنا بصير بها مستغني فيها عن التقليد.
هذا منتهى من قرأ فلسفة الإلهيين منهم ويعلم ذلك من كتب ابن سينا وأبي نصر الفارابي وهؤلاء المتجملون منهم بالإسلام وربما يرى الواحد منهم يقرأ القرآن ويحضر الجماعات والصلوات ويعظم الشريعة بلسانه ولكنه مع ذلك لا يترك شرب الخمر وأنواعا من الفسق والفجور وإذا قيل له إن كانت النبوة غير صحيحة فلم تصلي؟
فربما يقول: رياضة الجسد وعادة البلد وحفظ الذرية والولد، وربما قال:
الشريعة صحيحة والنبوة حق فيقال له: فلم تشرب الخمر؟ فيقول: إنما نهي عن الخمر لأنها تورث العداوة والبغضاء وأنا بحكمتي محترز عن ذلك، وإني أقصد بها تشحيذ خاطري حتى أن ابن سينا ذكر في وصية له كتب فيها أنه عاهد الله تعالى على كذا وكذا وأن يعظم الأوضاع الشرعية ولا يقصر في العبادات الدينية ولا يشرب الخمر تلهيا بل تداويا وتشفّيا، وكان منتهى حالته في صفاء الإيمان والتزام العبادات أن يستثني شرب الخمر لغرض التشفي فهذا إيمان من يدعي الإيمان منهم وقد انخدع إلى ذكر ما رد به على أهل التعليم وأهل الإباحة.
قال: وأما من فسد إيمانه بطريق الفلسفة حتى أنكر أصل النبوة فقد ذكرنا حقيقة النبوة ووجودها بالضرورة بدليل وجود خواص الأدوية والنجوم وغيرها وإنما قدمنا هذه المقدمة لأجل ذلك، وأوردنا الدليل من خواص النجوم والطب لأنه من نفس علمهم ونحن نبين لكل عالم بفن من العلوم كالنجوم والطب والطبيعة والسحر والطلسمات مثلا من نفس علمه برهان النبوة.
وأما من أثبت النبوة بلسانه وسوى أوضاع الشرع على الحكمة فهو على التحقيق كافر بالنبوة وإنما هو مؤمن بحكيم له طالع مخصوص يقتضي طالعه أن يكون متبوعا وليس هذا من النبوة في شيء بل الإيمان بالنبوة أن يقر بإثبات طور وراء طور العقل تنفتح فيه عين يدرك بها مدركات خاصة، والعقل معزول عنها

اسم الکتاب : شرح العقيدة الأصفهانية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 168
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست