اسم الکتاب : شرح العقيدة الأصفهانية المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 167
أعمال أصولها كذلك السنن والنوافل لتكميل آثار أركان العبادات، وعلى الجملة فالأنبياء أطباء أمراض القلوب.
وأما فائدة العقل وتصرفه أن عرفنا ذلك وشهد بصدق النبوة وبعجز نفسه عن درك ما يدرك بعين النبوة وأخذنا بأيدينا وسلمنا إليها تسليم العميان إلى القائدين، وتسليم المرضى المتحيرين إلى الأطباء المشفقين.
فإلى هاهنا مجرى العقل ومخطاه وهو معزول عمّا بعد ذلك إلا عن تفهيم ما يلقيه الطبيب إليه فهذه أمور عرفناها بالضرورة الجارية مجرى المشاهدة في مدة الخلوة والعزلة.
ثم رأينا فتور الاعتقاد في أصل النبوة ثم في حقيقة النبوة، ثم العمل بما شرحته النبوة وتحققنا شيوع ذلك بين الخلق ونظرت إلى أسباب فتور الخلق وضعف إيمانهم بها فإذا هي أربعة:
سبب من الخائضين في علم الفلسفة، وسبب من الخائضين في طريق التصوف، وسبب من المنتسبين إلى دعوى التعليم، وسبب من معاملة المتوسمين من العلماء فيما بين الناس، فإني تتبعت مدة آحاد الخلق أسأل من يقصر منهم في متابعة الشرع وأسأله شبهته وأبحث عن عقيدته وسره، وأقول له: ما لك تقصر فيها؟
فإن كنت تؤمن بالآخرة ولست تستعد لها وتبيعها بالدنيا فهذه حماقة فإنك لا تبيع الاثنين بواحد فكيف تبيع ما لا نهاية له بأيام معدودة؟
وإن كنت لا تؤمن فأنت كافر فدبر لنفسك في طلب الإيمان وانظر ما سبب كفرك الخفي الذي هو مذهبك باطنا وهو سبب جراءتك ظاهرا، وإن كنت لا تصرح به تجملا بالإيمان وتشرفا بذكر الشرع فقائل يقول: هذا أمر لو وجبت المحافظة عليه لكان العلماء أجدر بذلك، وفلان من المشهورين من الفضلاء لا يصلي وفلان يشرب الخمر وفلان يأكل الأموال من الأوقاف وأموال اليتامى وفلان يأكل أدرار السلطان ولا يحترز من الحرام، وفلان يأخذ الرشوة على القضاء والشهادة وهلم جرّا، إلى أمثاله.
وقائل ثان يدعي علم التصوف فيقول: إني بلغت مبلغا ترقيت عن الحاجة إلى العبادة.
وقائل ثالث تعلل بشبهة أخرى من شبهات أهل الإباحة وهم الذين ضلوا عن طريق التصوف، وقائل رابع لقي أهل التعليم ويقول: الحق مشكل والطريق إليه عسير منسد والاختلاف كثير، وليس بعض المذاهب أولى من بعض، وأدلة العقول
اسم الکتاب : شرح العقيدة الأصفهانية المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 167