responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح العقيدة الأصفهانية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 166
دلالة المعجزة ينخرم إيمانك بكلام مرتب من وجه الإشكال والشبه عليهما فليكن مثل هذه الخوارق إحدى القرائن والدلائل في جملة نظرك حتى يحصل لك علم ضروري لا يمكنك ذكر مستنده على التعيين كالذي يخبره جماعة بخبر متواتر لا يمكنه أن يقول: اليقين مستفاد من قول واحد معين بل من حيث لا يدري ولا يخرج عن جملة ذلك، ولا تتعين الآحاد فهذا هو الإيمان القوي العلمي.
وأما الذوق فهو كالمشاهدة والأخذ باليد ولا يوجد إلا في طريق الصوفية.
قال: ثم إني واظبت على العزلة والخلوة قريبا من عشر سنين وبان لي في أثناء ذلك على الضرورة من أسباب لا أحصيها وبان لي من حقيقة الذوق أن للإنسان بدنا وقلبا وأعني بالقلب حقيقة روحه التي هي محل معرفة الله تعالى دون اللحم الذي يشاركه فيه الميت والبهيمة وأن البدن له صحة بها سعادته ومرض فيه هلاكه، وأن القلب كذلك له صحة وسلامة ولا ينجو إلا من أتى الله بقلب سليم، وله مرض فيه هلاكه إن لم يتدارك كما قال تعالى: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ [1].
وإن الجهل بالله سم مهلك، وإن معصية الله تعالى بمتابعة الهوى داؤه الممرض، وإن معرفة الله تعالى ترياقه المحيي، وطاعته بمخالفة الهوى دواؤه الشافي، وأنه لا سبيل إلى معالجته بإزالة مرضه وكسب صحته إلا بأدوية، كما لا سبيل إلى معالجة البدن إلا بذلك، وكما أن أدوية البدن تؤثر في كسب الصحة بخاصية فيها لا تدركها العقلاء ببضاعة العقل بل تجب فيها تقليد الأطباء الذين أخذوها عن الأنبياء الذين اطلعوا بخاصية النبوة على خواص الأشياء فكذلك بان لي على الضرورة أن أدوية العبادات بحدودها ومقاديرها المحدودة المقدرة من جهة الأنبياء لا يدرك وجه تأثيرها ببضاعة عقل العقلاء بل يجب فيها تقليد الأنبياء الذين أدركوا تلك الخواص لا ببضاعة العقل، وكما أن الأدوية تركب من أخلاط مختلفة النوع والمقدار وبعضها ضعف لبعض في الوزن فلا يخلو اختلاف مقاديرها عن سر من قبل الخواص فكذلك العبادات التي هي أدوية القلوب مركبة من أفعال مختلفة النوع والمقدار حتى أن السجود ضعف الركوع وصلاة الصبح نصف صلاة الظهر ولا يخلو عن سر من الأسرار هو من قبيل الخواص التي لا يطلع عليه إلا بنور النبوة.
لقد تحامق وتجاهل جدّا من أراد أن يستنبط بطريق العقل لها حكمة وظن أنها ذكرت على الاتفاق لا عن سر إلهي فيها يقتضيها بطريق الخاصية وكما أن في الأدوية أصولا هي أركانها وزوائد هي متمماتها لكل واحد منها خصوص تأثير في

[1] سورة البقرة، الآية: 10.
اسم الکتاب : شرح العقيدة الأصفهانية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 166
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست