responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 401
وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: فِيمَنْ يُصَلِّي وَقَدْ أَصَابَهُ السِّرْقِينُ، قَالَ: لَا بَأْسَ، وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ، وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ: أَصَابَتْ عِمَامَتَهُ بَوْلُ بَعِيرٍ فَقَالَا جَمِيعًا: لَا بَأْسَ، وَسَأَلَهُمَا جَعْفَرٌ الصَّادِقُ، وَهُوَ أَشْبَهَ الدَّلِيلَ عَلَى أَنَّ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْغَسْلِ إمَّا ضَعِيفٌ أَوْ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ وَالتَّنْظِيفِ، فَإِنَّ نَافِعًا لَا يَكَادُ يَخْفَى عَلَيْهِ طَرِيقَةُ ابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ وَلَا يَكَادُ يُخَالِفُهُ وَالْمَأْثُورُ عَنْ السَّلَفِ فِي ذَلِكَ كَثِيرٌ، وَقَدْ نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَلْفَاظٌ إنْ ثَبَتَتْ فَلَيْسَتْ صَرِيحَةً بِنَجَاسَةِ مَحَلِّ النِّزَاعِ، مِثْلُ مَا رَوَى عَنْهُ الْحَسَنُ أَنَّهُ قَالَ: الْبَوْلُ كُلُّهُ يُغْسَلُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ بِأَبْوَالِ الْغَنَمِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ بَوْلَ الْإِنْسَانِ، الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ.
وَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ أَنَّهُ قَالَ: الْأَبْوَالُ كُلُّهَا أَنْجَاسٌ. فَلَعَلَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ إنْ ثَبَتَ عَنْهُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ ابْنِ الْمُنْذِرِ وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ الْقَوْلُ بِنَجَاسَتِهَا.
وَمِنْ الْمَعْلُومِ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ: أَنَّ هَذَا إجْمَاعٌ عَلَى عَدَمِ النَّجَاسَةِ، بَلْ مُقْتَضَاهُ أَنَّ التَّنْجِيسَ مِنْ الْأَقْوَالِ الْمُحْدَثَةِ فَيَكُونُ مَرْدُودًا بِالْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى إبْطَالِ الْحَوَادِثِ، لَا سِيَّمَا مَقَالَةٌ مُحْدَثَةٌ مُخَالِفَةٌ لِمَا عَلَيْهِ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْأَعْيَانَ الْمَوْجُودَةَ فِي زَمَانِهِمْ وَمَكَانِهِمْ، إذَا أَمْسَكُوا عَنْ تَحْرِيمِهَا وَتَنْجِيسِهَا، مَعَ الْحَاجَةِ إلَى بَيَانِ ذَلِكَ كَانَ تَحْرِيمُهَا وَتَنْجِيسُهَا مِمَّنْ بَعْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُمْسِكُوا عَنْ بَيَانِ أَفْعَالٍ يُحْتَاجُ إلَى بَيَانِ وُجُوبِهَا لَوْ كَانَ ثَابِتًا، فَيَجِيءُ مَنْ بَعْدَهُمْ فَيُوجِبُهَا، وَمَتَى قَامَ الْمُقْتَضِي لِلتَّحْرِيمِ أَوْ الْوُجُوبِ، وَلَمْ يَذْكُرُوا وُجُوبًا وَلَا تَحْرِيمًا، كَانَ إجْمَاعًا عَنْهُمْ عَلَى عَدَمِ اعْتِقَادِ الْوُجُوبِ وَالتَّحْرِيمِ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ. وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ مُعْتَمَدَةٌ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَهِيَ أَصْلٌ عَظِيمٌ يَنْبَغِي لِلْفَقِيهِ أَنْ يَتَأَمَّلَهَا، وَلَا يَغْفُلُ عَنْ غَوْرِهَا، لَكِنْ لَا يُسَلَّمُ إلَّا بِعَدَمِ ظُهُورِ الْخِلَافِ فِي الصَّدْرِ

اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 401
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست