responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 400
كَثْرَةِ الِاحْتِفَاءِ فِيهِمْ، حَتَّى أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَأْمُرُ بِذَلِكَ: تَمَعْدَدُوا وَاخْشَوْشِنُوا وَامْشُوا حُفَاةً وَانْتَعِلُوا، وَمَحَالِبُ الْأَلْبَانِ كَثِيرًا مَا يَقَعُ فِيهَا مِنْ أَبْوَالِهَا، وَلَيْسَ ابْتِلَاؤُهُمْ بِهَا بِأَقَلَّ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ فِي أَوَانِيهِمْ، فَلَوْ كَانَتْ نَجِسَةً يَجِبُ غَسْلُ الثِّيَابِ، وَالْأَبْدَانِ، وَالْأَوَانِي مِنْهَا، وَعَدَمُ مُخَالَطَتِهِ، وَيُمْنَعُ مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ ذَلِكَ، وَيَجِبُ تَطْهِيرُ الْأَرْضِ مِمَّا فِيهِ ذَلِكَ إذَا صَلَّى فِيهَا، وَالصَّلَاةُ فِيهَا تَكْثُرُ فِي أَسْفَارِهِمْ، وَفِي مَرَاحِ أَغْنَامِهِمْ، وَيَحْرُمُ شُرْبُ اللَّبَنِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ بَعْرُهَا، وَتُغْسَلُ الْيَدُ إذَا أَصَابَهَا الْبَوْلُ، أَوْ رُطُوبَةُ الْبَعْرِ، إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ النَّجَاسَةِ، لَوَجَبَ أَنْ يُبَيِّنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ بَيَانًا تَحْصُلُ بِهِ مَعْرِفَةُ الْحُكْمِ، وَلَوْ بَيَّنَ ذَلِكَ لَنُقِلَ جَمِيعُهُ أَوْ بَعْضُهُ، فَإِنَّ الشَّرِيعَةَ وَعَادَةَ الْقَوْمِ تُوجِبُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا لَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ نَجَاسَتَهَا دَلِيلٌ عَلَى طَهَارَتِهَا مِنْ جِهَةِ تَقْرِيرِهِ لَهُمْ عَلَى مُبَاشَرَتِهَا، وَعَدَمِ النَّهْيِ عَنْهُ، وَالتَّقْرِيرُ دَلِيلُ الْإِبَاحَةِ. وَمِنْ وَجْهٍ أَنَّ مِثْلَ هَذَا يَجِبُ بَيَانُهُ بِالْخِطَابِ، وَلَا تُحَالُ الْأُمَّةُ فِيهِ عَلَى الرَّأْيِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْأُصُولِ لَا مِنْ الْفُرُوعِ، وَمِنْ جِهَةِ أَنَّ مَا سَكَتَ اللَّهُ عَنْهُ، فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ، لَا سِيَّمَا إذَا وَصَلَ بِهَذَا الْوَجْهِ.
الْوَجْهُ التَّاسِعُ: وَهُوَ الثَّانِيَ عَشَرَ: وَهُوَ أَنَّ الصَّحَابَةَ، وَالتَّابِعِينَ، وَعَامَّةَ السَّلَفِ قَدْ اُبْتُلِيَ النَّاسُ فِي أَزْمَانِهِمْ بِأَضْعَافِ مَا اُبْتُلُوا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يَشُكُّ عَاقِلٌ فِي كَثْرَةِ وُقُوعِ الْحَوَادِثِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، ثُمَّ الْمَنْقُولُ عَنْهُمْ أَحَدُ شَيْئَيْنِ: إمَّا الْقَوْلُ بِالطَّهَارَةِ، أَوْ عَدَمُ الْحُكْمِ بِالنَّجَاسَةِ، مِثْلُ: مَا ذَكَرْنَا عَنْ أَبِي مُوسَى، وَأَنَسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ: أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي وَعَلَى رِجْلَيْهِ أَثَرُ السِّرْقِينِ، وَهَذَا قَدْ عَايَنَ أَكَابِرَ الصَّحَابَةِ بِالْعِرَاقِ، وَعَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: إنَّ لِي غَنَمًا تَبْعَرُ فِي مَسْجِدِي. وَهَذَا قَدْ عَايَنَ أَكَابِرَ الصَّحَابَةِ بِالْحِجَازِ.

اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 400
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست