responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 234
وَالْمَاءِ الْمُنَجَّسِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، هُوَ الْقَوْلُ الَّذِي دَلَّتْ النُّصُوصُ، وَالْإِجْمَاعُ الْقَدِيمُ، وَالْقِيَاسُ الْجَلِيُّ عَلَى بُطْلَانِهِ.
وَعَلَى هَذَا فَجَمِيعُ هَذِهِ الْمِيَاهِ الَّتِي فِي الْحِيَاضِ، وَالْبِرَكِ الَّتِي فِي الْحَمَّامَاتِ، وَالطُّرُقَاتِ، وَعَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ، وَفِي الْمَدَارِسِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ: لَا يُكْرَهُ التَّطَهُّرُ بِشَيْءٍ مِنْهَا وَإِنْ سَقَطَ فِيهَا الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ، وَلَيْسَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَتَنَزَّهَ عَنْ أَمْرٍ ثَبَتَتْ فِيهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالرُّخْصَةِ، لِأَجْلِ شُبْهَةٍ وَقَعَتْ لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ. وَقَدْ تَبَيَّنَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ جَوَابُ السَّائِلِ عَنْ: الْمَاءِ الَّذِي يَقْطُرُ مِنْ بَدَنِ الْجُنُبِ بِجِمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمَاءَ طَاهِرٌ، وَأَنَّ التَّنَزُّهَ عَنْهُ، أَوْ عَنْ مُلَامَسَتِهِ لِلشُّبْهَةِ الَّتِي فِي ذَلِكَ بِدْعَةٌ مُخَالِفَةٌ لِلسُّنَّةِ، وَلَا نِزَاعَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْجُنُبَ لَوْ مَسَّ مُغْتَسِلًا لَمْ يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ غُسْلِهِ.

وَأَمَّا الْمُسَخَّنُ بِالنَّجَاسَةِ فَلَيْسَ يَنْجُسُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ إذَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مَا يُنَجِّسُهُ، وَأَمَّا كَرَاهَتُهُ فَفِيهَا نِزَاعٌ، لَا كَرَاهَةَ فِيهِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَأَحْمَدَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُمَا، وَكَرِهَهُ مَالِكٌ، وَأَحْمَدُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنْهُمَا. وَهَذِهِ الْكَرَاهَةُ لَهَا مَأْخَذَانِ. أَحَدُهُمَا: احْتِمَالُ وُصُولِ أَجْزَاءِ النَّجَاسَةِ إلَى الْمَاءِ فَيَبْقَى مَشْكُوكًا فِي طَهَارَتِهِ شَكًّا مُسْتَنِدًا إلَى أَمَارَةٍ ظَاهِرَةٍ، فَعَلَى هَذَا الْمَأْخَذِ مَتَى كَانَ بَيْنَ الْوُقُودِ وَالْمَاءِ حَاجِزٌ حَصِينٌ كَمِيَاهِ الْحَمَّامَاتِ لَمْ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَيَقَّنَ أَنَّ الْمَاءَ لَمْ تَصِلْ إلَيْهِ النَّجَاسَةُ. وَهَذِهِ طَرِيقَةُ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ: كَالشَّرِيفِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَابْنِ عَقِيلٍ، وَغَيْرِهِمَا. وَالثَّانِي: أَنَّ سَبَبَ الْكَرَاهَةِ كَوْنُهُ سُخِّنَ بِإِيقَادِ النَّجَاسَةِ، وَاسْتِعْمَالُ النَّجَاسَةِ مَكْرُوهٌ عِنْدَهُمْ؛ وَالْحَاصِلُ بِالْمَكْرُوهِ مَكْرُوهٌ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ. فَعَلَى هَذَا إنَّمَا الْكَرَاهَةُ إذَا كَانَ التَّسْخِينُ حَصَلَ بِالنَّجَاسَةِ. فَأَمَّا إذَا كَانَ غَالِبُ الْوُقُودِ طَاهِرًا، أَوْ شَكَّ فِيهِ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ

اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 234
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست