responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 233
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا يُسَلَّمُ أَنَّ كُلَّ طَهَارَةٍ فَضِدُّهَا النَّجَاسَةُ، فَإِنَّ الطَّهَارَةَ تَنْقَسِمُ إلَى طَهَارَةِ خَبَثٍ وَحَدَثٍ، طَهَارَةٍ عَيْنِيَّةٍ وَحُكْمِيَّةٍ. الثَّانِي: أَنَّا نُسَلِّمُ ذَلِكَ وَنَقُولُ النَّجَاسَةُ أَنْوَاعٌ: كَالطَّهَارَةِ، فَيُرَادُ بِالطَّهَارَةِ الطَّهَارَةُ مِنْ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ، كَمَا يُرَادُ بِالنَّجَاسَةِ ضِدُّ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] .
وَهَذِهِ النَّجَاسَةُ لَا تُفْسِدُ الْمَاءَ، بِدَلِيلِ أَنَّ سُؤْرَ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ طَاهِرٌ، وَآنِيَتُهُمْ الَّتِي يَصْنَعُونَ فِيهَا الْمَائِعَاتِ، وَيَغْمِسُونَ فِيهَا أَيْدِيَهُمْ طَاهِرَةٌ. «وَقَدْ أَهْدَى الْيَهُودِيُّ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَاةً مَشْوِيَّةً، وَأَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُمْ بَاشَرُوهَا» . «وَقَدْ أَجَابَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَهُودِيًّا إلَى خُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ» .
وَالثَّانِي: يُرَادُ بِالطَّهَارَةِ: الطَّهَارَةُ مِنْ الْحَدَثِ، وَضِدُّ هَذِهِ نَجَاسَةُ الْحَدَثِ، كَمَا قَالَ أَحْمَدُ فِي بَعْضِ أَجْوِبَتِهِ لَمَّا سُئِلَ عَنْ نَحْوِ ذَلِكَ أَنَّهُ أَنْجَسَ الْمَاءَ، فَظَنَّ بَعْضُ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ أَرَادَ نَجَاسَةَ الْجُنُبِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ رِوَايَةً عَنْهُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَحْمَدُ نَجَاسَةَ الْحَدَثِ وَأَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يُخَالِفُ سُنَّةً ظَاهِرَةً مَعْلُومَةً لَهُ قَطُّ، وَالسُّنَّةُ فِي ذَلِكَ أَظْهَرُ مِنْ أَنْ تَخْفَى عَلَى أَقَلِّ أَتْبَاعِهِ، لَكِنْ نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: اغْسِلْ بَدَنَك مِنْهُ، وَالصَّوَابُ أَنَّ هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى النَّجَاسَةِ، فَإِنَّ غَسْلَ الْبَدَنِ مِنْ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ لَا يَجِبُ بِالِاتِّفَاقِ.
وَلَكِنْ ذَكَرُوا عَنْ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي اسْتِحْبَابِ غَسْلِ الْبَدَنِ مِنْهُ رِوَايَتَيْنِ، الرِّوَايَةُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لِأَجْلِ الشُّبْهَةِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجِبُ وَلَا يُسْتَحَبُّ؛ لِأَنَّ هَذَا عَمَلٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُونُوا يَغْسِلُونَ ثِيَابَهُمْ بِمَا يُصِيبُهُمْ مِنْ الْوُضُوءِ.
الثَّالِثُ: يُرَادُ بِالطَّهَارَةِ الطَّهَارَةُ مِنْ الْأَعْيَانِ الْخَبِيثَةِ الَّتِي هِيَ نَجِسَةٌ، وَالْكَلَامُ فِي هَذِهِ النَّجَاسَةِ بِالْقَوْلِ بِأَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْأَعْيَانِ الْخَبِيثَةِ: كَالدَّمِ،

اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 233
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست