responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 353
كُلًّا مِنْ الدَّارَيْنِ، أَوْ لِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَمِنْ دُخُولِ، وَاحِدَةٍ لِوَاحِدَةٍ، وَأُخْرَى لِأُخْرَى، أَوْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَهُوَ الْمُدَّعِي، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي، وَجَبَ أَنْ يُطَلِّقَ كُلًّا مِنْهُمَا إذَا حَصَلَ الْمُسَمَّى بِأَيٍّ كَانَ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ كَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهَا مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، وَإِنْ كَانَ الثَّالِثُ فَهُوَ مَدْفُوعٌ بِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِاشْتِرَاكِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَوَقَعَ الطَّلَاقُ بِكُلٍّ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ كَمَا لَوْ قَالُوا فِيمَا لَوْ قَالَ: إنْ رَأَيْت عَيْنًا فَأَنْتِ طَالِقٌ إنَّهَا تَطْلُقُ بِأَيٍّ عَيْنٍ رَأَتْهَا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرَكَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ كَالْعَامِّ فَيَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِكُلِّ فَرْدٍ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: إنْ حِضْتُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَحَاضَتْ إحْدَاهُمَا لَمْ تَطْلُقْ، وَلَوْ قُوبِلَ الْجَمْعُ بِالْجَمْعِ طَلُقَتْ، وَلَوْ قَالَ: إنْ شِئْتُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَشَاءَتْ إحْدَاهُمَا، وَلَمْ تَشَأْ الْأُخْرَى لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، وَهَلْ طَلَاقُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مُعَلَّقٌ بِالْمَشِيئَتَيْنِ جَمِيعًا، أَوْ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِمَشِيئَتِهَا طَلَاقُ نَفْسِهَا دُونَ ضَرَّتِهَا؟ قَالَ الْمُتَوَلِّي الْأَوَّلَ.
وَقَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ الثَّانِيَ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ رَجُلَانِ بِقَتْلِ رَجُلَيْنِ كَانَ مُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي قَتْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا قَتَلَ أَحَدَهُمَا، وَالْآخَرَ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَمْثِلَةِ.
فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ قَوْلَنَا " لَقِيَ الزَّيْدَان الْعُمَرَيْنِ " لَا تُصَدَّقُ حَقِيقَتُهُ حَتَّى يَكُونَ كُلٌّ مِنْ الزَّيْدَيْنِ لَقِيَ كُلًّا مِنْ الْعُمَرَيْنِ، وَكَذَلِكَ الرُّؤْيَةُ، وَنَحْوُهَا مِنْ الْأَفْعَالِ الَّتِي يَحْصُلُ الِاشْتِرَاكُ فِيهَا، وَالضَّمَانُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ يَصِحُّ بِوَارِدِ عَدَدٍ مِنْ الضَّمَانِ عَلَى مَضْمُونٍ وَاحِدٍ، فَإِذَا قَالَ: ضَمِنَ الزَّيْدَان الْعُمَرَيْنِ فَحَقِيقَتُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ضَمِنَ كُلًّا مِنْهُمَا فَلِذَلِكَ إذَا قَالَا: ضَمِنَّا الْأَلْفَيْنِ كَانَتْ حَقِيقَتُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ضَمِنَ كُلًّا مِنْ الْأَلْفَيْنِ.
هَذَا وَجْهٌ مِنْ النَّظَرِ يُمْكِنُ دَعْوَاهُ، وَيُودِي بِقَوْلِهِمْ: إنَّ الضَّمَائِرَ عَامَّةٌ، وَالْعَامُّ مَدْلُولُهُ كُلُّ فَرْدٍ، وَأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَائِمَةٌ مَقَامَ الْعَطْفِ، وَلَوْ قُلْت: قَامَ زَيْدٌ، وَزَيْدٌ؛ كَانَ حُكْمًا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَكَذَلِكَ قَامَ الزَّيْدَانِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُنَازَعَ فِيهِ فَإِنَّ الْمُثَنَّى اسْمٌ وُضِعَ لِعَدَدٍ مَخْصُوصٍ فَلَيْسَ مَدْلُولُهُ كُلَّ وَاحِدٍ، وَكَذَلِكَ قَامَ زَيْدٌ، وَزَيْدٌ حُكْمٌ عَلَى مَجْمُوعِ الرَّجُلَيْنِ، وَلَكِنْ فِي الْإِثْبَاتِ يَلْزَمُ مِنْ الْمَجْمُوعِ كُلَّ فَرْدٍ، وَيَظْهَرُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي النَّفْيِ: مَا قَامَ زَيْدٌ، وَزَيْدٌ، أَوْ مَا قَامَ الزَّيْدَانِ يَصِحُّ مَعَهُ أَنْ يَكُونَ قَامَ أَحَدُهُمَا هَذَا مَا لَا رِيبَةَ فِيهِ، وَالضَّمَائِرُ بِحَسَبِ مَا يُرَادُ بِهَا، فَإِذَا عَادَتْ عَلَى عَامٍّ كَانَتْ عَامَّةً، وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا النِّزَاعُ لَا يَضُرُّنَا فَإِنَّا نُقَرِّرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى كُلٍّ مِنْ التَّقْدِيرَيْنِ سَوَاءً أَكَانَ الضَّمِيرُ فِي " ضَمِنَّا " مُرَادًا بِهِ الْمَجْمُوعُ أَمْ كُلُّ فَرْدٍ كَمَا سَتَعْرِفُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَإِنَّمَا تَحْرِيرُ هَذَا الْبَحْثِ يَظْهَرُ لَهُ ثَمَرَةٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَنْقُولَةِ مِنْ الْبَحْرِ.
(الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ) أَنَّ مَا، وَنَحْوَهَا مِنْ أَدَوَاتِ الْعُمُومِ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 353
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست