responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 352
عَلَى ذَلِكَ بَلْ عَلَى قَوْلِ الضَّمَانِ بِجَعْلِهِ ضَامِنًا لِكُلِّ الدَّيْنِ فِي رَقَبَةِ عَبْدِهِ، فَإِنْ يُحِيلَ ضَمَانَهُ لِبَعْضِهِ فَإِنَّمَا يَكُونُ إذَا قَالَا: أَعَرْنَاك الْعَبْدَ لِتَرْهَنَهُ بِدَيْنِك، وَهُوَ كَذَا فَيَنْزِلُ مَنْزِلَةَ مَا لَوْ قَالَا لِمَنْ لَهُ الدَّيْنُ: ضَمِنَّا لَك دَيْنَك عَلَى فُلَانٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالْمَسْأَلَةُ غَيْرُ مَخْصُوصَةٍ بِهَذِهِ الْحَالَةِ انْتَهَى.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ هُنَا مِنْ أَنَّهُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ هُوَ الَّذِي تَقَدَّمَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ فِي جَوَابِ الْحَنَفِيَّةِ، وَإِنَّمَا أَخَذَهُ مِنْهُ، وَتَعْبِيرُهُ عَنْهُ هُنَا بِقَوْلِهِ: " ضَمِنَّا لَك دَيْنَك عَلَى فُلَانٍ " عِبَارَةٌ رَدِيئَةٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَقَدَّمَ بِلَفْظِ الْأَلْفِ، وَهُوَ حَالٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ فَتُسْمَحُ فِي الْعِبَارَةِ. فَتَلَخَّصَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَيْسَ مَعَنَا نَقْلٌ فِي مَسْأَلَةِ الْأَلْفِ إلَّا مِنْ الْمَاوَرْدِيِّ فِي جَوَابِ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهٍ، وَمِنْ كَلَامِ الْبَنْدَنِيجِيِّ، وَأَظُنُّ أَنَّ صَاحِبَ الْبَحْرِ أَخَذَهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ كَثِيرُ النَّقْلِ عَنْهُ، وَكُلُّ ذَلِكَ خَارِجٌ عَنْ مَسْأَلَتِنَا، وَعِبَارَةُ ابْنِ الرِّفْعَةِ لَا يَتَمَسَّكُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ أَحَالَ عَلَى مَوْضِعِهَا، وَعَرَفْنَاهُ بِخِلَافِهَا، فَإِنْ قُلْت: بَيِّنْ لِي وَجْهَ مَا أَشَرْت إلَيْهِ مِنْ كَوْنِ مَسْأَلَةِ الْبَحْرِ غَيْرَ مَسْأَلَتِنَا. قُلْت: يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَوَّلًا أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تُسْتَمَدُّ مِنْ قَاعِدَةٍ عَرَبِيَّةٍ، وَقَاعِدَةٍ أُصُولِيَّةٍ، وَمَآخِذَ فِقْهِيَّةٍ مَا لَمْ يُحِطْ الطَّالِبُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ لَا تَتَحَقَّقُ عِنْدَهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ، وَمَتَى أَحَاطَ بِهَا حَقَّقَهَا، وَانْشَرَحَ صَدْرُهُ لَهَا بِتَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى أَمَّا (الْقَاعِدَةُ الْأُولَى) فِي ضَمِنَّا هَلْ مَدْلُولُهُ الْمَجْمُوعُ، أَوْ كُلُّ فَرْدٍ، وَالْمَالُ الْمَضْمُونُ قَدْ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِمَا يَقْتَضِي مَجْمُوعَهُ، وَقَدْ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِمَا يَقْتَضِي كُلَّ فَرْدٍ مِنْهُ، وَقَبْلَ هَذَا نَقُولُ قَوْلَنَا لَقِيَ الزَّيْدَان الْعُمَرَيْنِ قَدْ يُرَادُ بِهِ أَنَّ أَحَدَ الزَّيْدَيْنِ لَقِيَ أَحَدَ الْعُمَرَيْنِ، وَالْآخَرُ لَقِيَ الْآخَرَ، وَقَدْ يُرَادُ بِهِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَقِيَ كُلًّا مِنْهُمَا، وَهَذَا هُوَ حَقِيقَةُ اللَّفْظِ، وَظَاهِرُهُ مَهْمَا كَانَ الْفِعْلُ صَالِحًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِخِلَافِ قَوْلِك: أَكَلَ الزَّيْدَان الرَّغِيفَيْنِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ إرَادَةُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَكَلَ رَغِيفًا، وَإِنَّ ذَلِكَ مُقَابَلَةُ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ، وَالِاسْتِقْرَاءُ يَدُلُّ عَلَى مَا ادَّعَيْنَاهُ مِنْ الْحَقِيقَةِ، وَالظُّهُورِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْله تَعَالَى {فَاقْتُلُوهُمْ} [البقرة: 191] ، وَنَحْوُهُ فَإِنَّ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ مُخَاطَبٌ بِقَتْلِ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى لَوْ قَتَلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا، وَأَرَادَ الِاكْتِفَاءَ بِذَلِكَ لِيَنْحَصِرَ الْوُجُوبُ فِي الْبَاقِينَ فِي غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَهَذَا الْحُكْمُ مُسْتَفَادٌ مِنْ قِبَلِ اللَّفْظِ لَا مِنْ خَارِجٍ؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ بَرِحُوا يَسْتَدِلُّونَ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ عَلَى هَذِهِ الْأَحْكَامِ، وَيَأْخُذُونَهَا مِنْهَا، وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ: إنْ دَخَلْتُمَا هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَدَخَلَتْ إحْدَاهُمَا إحْدَى الدَّارَيْنِ، وَالْأُخْرَى الْأُخْرَى لَمْ تَطْلُقْ، وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا حَتَّى تَدْخُلَ كُلُّ، وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الدَّارَيْنِ جَمِيعًا عَلَى الصَّحِيحِ فَنَقُولُ هَذِهِ الصِّيغَةُ إمَّا أَنْ تَكُونَ مَوْضُوعَةً لِدُخُولِ كُلٍّ مِنْهُمَا

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 352
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست