responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 354
مَدْلُولُهُ كُلُّ فَرْدٍ فَرْدٌ، وَذَلِكَ مُقَرَّرٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ فَلَا نُطَوِّلُ بِهِ فَضَمَانُ مَا فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ مَعْنَاهُ ضَمَانُ كُلِّ جُزْءٍ مِمَّا فِي ذِمَّتِهِ الْأَلْفُ، وَنَحْوُهَا مِنْ أَسْمَاءِ الْأَعْدَادِ مَدْلُولُهَا الْمَجْمُوعُ فَلَيْسَتْ الْأَلْفُ مَوْضُوعَةً لِشَيْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا، وَلَا دَالَّةً بِالْمُطَابَقَةِ عَلَيْهِ، وَهَذَا أَيْضًا مُقَرَّرٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ.
(الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ) ، وَهِيَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْقَاعِدَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ أَنَّ الضَّامِنَ، وَالْمَضْمُونَ قَدْ يَتَّحِدَانِ، وَقَدْ يَتَعَدَّدَانِ، وَقَدْ يَتَعَدَّدُ الضَّامِنُ وَحْدَهُ، أَوْ الْمَضْمُونُ، وَحْدَهُ، وَلَا نُطَوِّلُ بِذِكْرِ الْأَمْثِلَةِ فَإِنَّ غَرَضَنَا إنَّمَا هُوَ إذَا تَعَدَّدَ، فَإِذَا ضَمِنَ الزَّيْدَان مَالًا، وَالْمَالُ ذُو أَجْزَاءٍ، وَجُزَيْئَاتٍ فَتَارَةً يُعَبَّرُ عَنْهُ بِمَا يَقْتَضِي مَجْمُوعَ أَجْزَائِهِ كَالْأَلْفِ فَإِنَّهَا اسْمٌ لِلْمَجْمُوعِ، وَتَارَةً يُعَبَّرُ عَنْهُ بِمَا يَقْتَضِي عُمُومَ جُزْئِيَّاتٍ كَضَمَانِ مَا فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ، فَإِذَا قَالَا: ضَمِنَّا مَا فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ، وَهُوَ أَلْفٌ مَثَلًا فَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْهُمَا يَصْدُقُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ، وَقَدْ عَبَّرَ عَنْهُ بِلَفْظَةِ " مَا " الَّتِي هِيَ مُبْهَمَةٌ إنَّمَا يَتَمَيَّزُ بِوَصْفِ كَوْنِهِ فِي ذِمَّتِهِ، وَهَذَا الْمَعْنَى خَاصٌّ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِمَّا فِي ذِمَّتِهِ بِالسَّوِيَّةِ لَا تَرْجِيحَ لِدَلَالَتِهِ فِي أَحَدِ الْأَجْزَاءِ عَلَى الْآخَرِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْقَاعِدَةِ الْأُصُولِيَّةِ، وَحِينَئِذٍ نَقُولُ: إذَا قَالَا: ضَمِنَّا مَا فِي ذِمَّتِك مِنْ الْأَلْفِ فَإِمَّا أَنْ نَقُولَ: الضَّمِيرُ فِي ضَمِنَّا مُرَادٌ بِهِ كُلُّ فَرْدٍ مِنْهُمَا، أَوْ مَجْمُوعُهُمَا إنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَكُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنٌ لِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْأَلْفِ، وَكَانَتْ لَازِمَةً لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِلَا إشْكَالٍ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَمُعَيَّنٌ أَنَّ مَجْمُوعَهُمَا ضَمِنَ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ الْأَلْفِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ فَكُلُّ جُزْءٍ مِنْ الْأَلْفِ نِصْفُهَا، وَرُبْعُهَا، وَثُمُنُهَا إلَى أَدْنَى جُزْءٍ، وَأَكْثَرِهِ لَازِمٌ لِمَجْمُوعِهِمَا لَزِمَ مُطَالَبَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُطَالَبْ بِهِ فَإِمَّا أَنْ لَا يُطَالَبَ بِشَيْءٍ أَصْلًا حَتَّى يَكُونَا مُجْتَمِعَيْنِ فَيُطَالَبَانِ جَمِيعًا، وَهَذَا لَا قَائِلَ بِهِ، وَإِمَّا أَنْ يُطَالَبَ بِالنِّصْفِ، أَوْ بِمَا تَحْتَهُ، أَوْ فَوْقَهُ مِنْ الْأَجْزَاءِ فَيَقُولُ: إذَا غَرِمَ ذَلِكَ الْجُزْءَ بَقِيَ الْبَاقِي مَضْمُونًا لِمَجْمُوعِهِمَا كَمَا تَقَرَّرَ فَيَعُودُ التَّقْسِيمُ فِيهِ، وَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنًا لِجَمِيعِ الْأَلْفِ كَمَا ادَّعَيْنَاهُ، وَقَالَهُ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ خِلَافٌ فَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا لَا وَجْهَ لَهُ، وَمَا أَخْوَفَنِي أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ فِي صُورَةِ الْأَلْفِ، وَأَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَا خِلَافَ فِيهَا، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ التَّتِمَّةِ نَقْلَهُ فِيهَا.
وَإِذَا وَصَلْت أَيُّهَا النَّاظِرُ إلَى هَذَا الْمَقَامِ مَعَ فَهْمٍ، وَإِنْصَافٍ جَزَمْت بِمَا قُلْنَاهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْوَاقِعَةِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى تَأَمُّلِ الْمَآخِذِ الْفِقْهِيَّةِ الَّتِي نَذْكُرُهَا بَعْدَ هَذَا مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ مِنْ قَبْلُ فِي الْقَاعِدَةِ الْأُولَى أَنَّهُ سَوَاءٌ ثَبَتَ دَلَالَةُ الضَّمِيرِ فِي ضَمِنَّا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ، أَوْ عَلَى الْمَجْمُوعِ فَمَقْصُودُنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَاصِلٌ، وَأَمَّا إذَا قَالَا: ضَمِنَّا الْأَلْفَ فَهَاهُنَا يَتَخَرَّجُ عَلَى مَدْلُولِ ضَمِنَّا، وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِمَجْمُوعِهِمَا، وَلِكُلِّ فَرْدٍ مِنْهُمَا

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 354
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست