responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 327
قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي ذَرٍّ «إنِّي أَرَاك ضَعِيفًا، وَإِنِّي أُحِبُّ لَك مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ، وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ الْيَتِيمِ» ، وَأَنَا أُحِبُّ التِّجَارَةَ لِلْيَتِيمِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهَا حَلَالٌ قَطْعًا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ.

أَمَّا الْمُعَامَلَةُ الَّتِي يَعْتَمِدُونَهَا فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَصُورَتُهَا أَنْ يَأْتِيَ شَخْصٌ إلَى دِيوَانِ الْأَيْتَامِ فَيَطْلُبُ مِنْهُمْ مَثَلًا أَلْفًا، وَيَتَّفِقُ مَعَهُمْ عَلَى فَائِدَتِهَا مِائَتَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ أَقَلَّ فَيَأْتِي بِسِلْعَةٍ تُسَاوِي أَلْفًا يَبِيعُهَا مِنْهُمْ عَلَى يَتِيمٍ بِأَلْفٍ، وَيَقْبِضُهَا مِنْ مَالِهِ، وَيُقْبِضُهُمْ تِلْكَ السِّلْعَةَ ثُمَّ يَشْتَرِيهَا مِنْهُمْ بِأَلْفٍ، وَمِائَتَيْنِ إلَى أَجَلٍ، وَيَرْهَنُ عِنْدَهُمْ رَهْنًا عَلَيْهَا فَيَحْصُلُ لَهُ مَقْصُودُهُ، وَهُوَ أَخْذُ الْأَلْفِ بِأَلْفٍ، وَمِائَتَيْنِ فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَجَلٍ، وَيَجْعَلُونَ تَوَسُّطَ هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ حَذَرًا مِنْ الرِّبَا، أَوْ يَشْتَرُوا سِلْعَةً مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِأَلْفٍ، وَيُقْبِضُوهُ الْأَلْفَ، وَيَقْبِضُوا السِّلْعَةَ ثُمَّ يَبِيعُوهَا مِنْ الطَّالِبِ بِأَلْفٍ، وَمِائَتَيْنِ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ يَبِيعُهَا هُوَ مِنْ صَاحِبِهَا بِتِلْكَ الْأَلْفِ الَّتِي أَخَذَهَا فَيَحْصُلُ الْمَقْصُودُ أَيْضًا، وَهَذِهِ الْمُعَامَلَةُ بَاطِلَةٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَبَعْضِ أَصْحَابِنَا، صَحِيحَةٌ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهِيَ عِنْدَنَا مَعَ صِحَّتِهَا مَكْرُوهَةٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ.
وَالْقَائِلُونَ بِبُطْلَانِهَا مِنْ أَصْحَابِنَا طَائِفَتَانِ: إحْدَاهُمَا مَنْ يَقُولُ بِبُطْلَانِ بَيْعِ الْعَيِّنَةِ، وَالثَّانِيَةُ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ مَالَ الْيَتِيمِ لَا يُبَاعُ بِالنَّسِيئَةِ إلَّا إذَا تَعَجَّلَ قَدْرَ رَأْسِ الْمَالِ، إذَا عَرَفَ ذَلِكَ فَهَذِهِ الْمُعَامَلَةُ لَمْ يَنُصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهَا تُفْعَلُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ، وَإِنَّمَا دِيوَانُ الْأَيْتَامِ سَلَكُوهَا لِكَوْنِ الرِّبْحِ فِيهَا مَعْلُومًا لَكِنْ فِيهَا خَطَرٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ أَكْثَرَ مَنْ يَأْخُذُ لَا يُوَفِّي حِينَ الْحُلُولِ، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يُمَاطِلُونَ، وَيُسَوِّفُونَ، وَيَنْكَسِرُ عَلَيْهِمْ، وَبَعْضُهُمْ يُخْرِجُ رَهْنَهُ غَيْرَ مَمْلُوكٍ لَهُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْمَفَاسِدِ، وَفِيهَا خَطَرٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ يَحْكُمُ حَاكِمٌ مَالِكِيٌّ، أَوْ حَنْبَلِيٌّ بِبُطْلَانِ هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ فَتَضِيعُ الْفَائِدَةُ عَلَى الْيَتِيمِ، وَيَبْقَى رَأْسُ الْمَالِ عَلَى خَطَرٍ، وَهَذَا كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ فِيمَا إذَا دَفَعَ الضَّامِنُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ لِيَحْلِفَ مَعَهُ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْفَعُهُ إلَى حَنَفِيِّ، وَطَرِيقُ الْوَلِيِّ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ لِيَحْكُمَ لَهُ بِالصِّحَّةِ حَتَّى يَأْمَنَ ذَلِكَ، وَالْحُكْمُ إنَّمَا يَنْفُذُ ظَاهِرًا فَلَا يُزِيلُ الشُّبْهَةَ ثُمَّ نَظَرْت إذَا سَلِمْت عَنْ هَذَا كُلِّهِ، وَجَدْت فِيهَا أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْكَرَاهَةُ كَمَا يَقُولُهُ أَصْحَابُنَا، وَالثَّانِيَةُ الشُّبْهَةُ لِقَوْلِ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 327
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست