responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 328
إمَامَيْنِ كَبِيرَيْنِ، وَأَتْبَاعِهِمَا بِتَحْرِيمِهَا، وَبُطْلَانِهَا.
وَمِنْ مَصَالِحِ الصَّبِيِّ أَنَّ الْوَلِيَّ يَصُونُهُ عَنْ أَكْلِ مَا فِيهِ شُبْهَةٌ، وَعَنْ أَنْ يَخْلِطَ مَالَهُ بِهِ، وَيَحْرِصَ عَلَى إطْعَامِهِ الْحَلَالَ الْمَحْضَ، وَعَلَى أَنْ يَكُونَ مَالُهُ كُلُّهُ مِنْهُ، وَهِيَ مَصْلَحَةٌ أُخْرَوِيَّةٌ، وَدُنْيَوِيَّةٌ؛ أَمَّا أُخْرَوِيَّةٌ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا لَكِنَّ الْجَسَدَ النَّابِتَ مِنْ الْحَلَالِ الطَّيِّبِ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ، وَأَعْلَى دَرَجَةً فِي الْآخِرَةِ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا دُنْيَوِيَّةٌ فَإِنَّ الْجَسَدَ النَّاشِئَ عَلَى الْحَلَالِ يَنْشَأُ عَلَى خَيْرٍ فَيَحْصُلُ لَهُ مَصَالِحُ الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةِ، وَقَدْ يَكُونُ بِتَرْكِهِ اجْتِنَابَ الشُّبُهَاتِ يُبَارِكُ اللَّهُ لَهُ فِي الْقَلِيلِ الْحَلَالِ فَيَكْفِيه، وَيَرْزُقُهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ فَهَذِهِ الْمَصَالِحُ مُحَقَّقَةٌ، وَالْفَائِدَةُ الدُّنْيَوِيَّةُ الَّتِي يَكْتَسِبُهَا بِالْمُعَامَلَةِ دُنْيَوِيَّةٌ مَحْضَةٌ فَتَعَارَضَتْ مَصْلَحَتَانِ أُخْرَوِيَّةٌ، وَدُنْيَوِيَّةٌ، وَرِعَايَةُ الْآخِرَةِ أَوْلَى مِنْ رِعَايَةِ الدُّنْيَا فَكَانَ الْأَحْوَطُ، وَالْأَصْلَحُ لِلْيَتِيمِ تَرْكَ هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ فَقَدْ يُقَالُ بِكَوْنِ الْمُسْتَحَبِّ تَرْكَهَا، وَقَدْ يُزَادُ فَيُقَالُ: يَجِبُ تَرْكُهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152] فَالْأَحْسَنُ فِي الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةِ حَلَالٌ قَطْعًا، وَغَيْرُ الْأَحْسَنِ فِيهِمَا يُمْنَعُ قَطْعًا، وَالْأَحْسَنُ فِي الْآخِرَةِ دُونَ الدُّنْيَا إذَا رَاعَيْنَا مَصْلَحَةَ الْآخِرَةِ، وَقَدَّمْنَاهَا عَلَى الدُّنْيَا صَارَ أَحْسَنَ مِنْ الْآخِرَةِ فَهُوَ أَحْسَنُ مُطْلَقًا، فَإِنْ تَيَسَّرَ مُتَّجَرٌ ابْتَغَى فِعْلَهُ، وَإِلَّا فَلَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا، وَيَأْكُلُ مَالَهُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَأْكُلَهُ غَيْرُهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. كَتَبَهُ عَلِيٌّ السُّبْكِيُّ فِي يَوْمِ السَّبْتِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ، وَسَبْعِمِائَةٍ فَأَوْرَدَ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى قَوْلِي بِالْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّهَا حِيلَةُ حَدِيثِ خَيْبَرَ.
وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «بِعْ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ اشْتَرِ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا» فَقُلْت: هَذَا الَّذِي فِي الْحَدِيثِ حِيلَةٌ فِي الْخَلَاصِ مِنْ الرِّبَا فَلَا يُحَرَّمُ، وَلَا يُكْرَهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ الْحِيَلِ أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْحَدِيثِ التَّوَصُّلُ إلَى شِرَاءِ الْجَنِيبِ الطَّيِّبِ بِعَيْنِهِ بِالْجَمْعِ، وَهُوَ رَدِيءٌ لِعَيْنِهِ، وَلَا يُمْكِنُ شِرَاؤُهُ بِالْمُسَاوَاةِ لِعَدَمِ رِضَا صَاحِبِ الْجَنِيبِ لِكَوْنِهِ أَفْضَلَ، وَلَا بِالتَّفَاضُلِ لِأَجْلِ الرِّبَا فَأَرْشَدَهُمْ الشَّارِعُ إلَى طَرِيقٍ يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ، وَهِيَ تَحْصِيلُ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ بِالْآخَرِ، وَلَمْ تَكُنْ الزِّيَادَةُ مَقْصُودَةً؛ وَلِهَذَا قَالَ: بِعْ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، وَاشْتَرِ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا، وَلَمْ يَقُلْ: بِعْ النَّاقِصَ، وَاشْتَرِ الزَّائِدَ فَالزِّيَادَةُ لَيْسَتْ مَقْصُودَةً لَهُمَا، وَهِيَ الْمَحْظُورَةُ فِي الشَّرْعِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ، فَإِنْ قَصَدَ وَلِيُّ الْيَتِيمِ إنَّمَا هُوَ الزِّيَادَةُ فَهَهُنَا التَّوَصُّلُ إلَى مَا قَصَدَ الشَّارِعُ عَدَمَهُ، وَحَرَّمَهُ، وَهُنَاكَ التَّوَصُّلُ إلَى مَا لَمْ يَقْصِدْ الشَّارِعُ عَدَمَهُ فَإِنَّ بَيْعَ الْجَمْعِ بِالْجَنِيبِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُمَا لَا يَحْرُمُ، وَإِنَّمَا يَحْرُمُ التَّفَاضُلُ فَافْهَمْ هَذَا فَإِنَّهُ نَفِيسٌ، وَيَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ قَاعِدَةً
وَهِيَ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 328
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست