responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 16
الِاخْتِصَاصِ وَالْحَصْرِ، وَقَوْلُ هَذَا الْقَائِلِ تَقْدِيمُ " هُمْ " مِنْ أَيْنَ لَهُ أَنَّ هَذَا تَقْدِيمٌ؟ فَإِنَّك إذَا قُلْت: هُوَ يَفْعَلُ؛ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً خَبَرُهُ فِعْلٌ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ يَفْعَلُ هُوَ، ثُمَّ قَدَّمْتَ وَأَخَّرْتَ وَالزَّمَخْشَرِيُّ لَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّقْدِيمِ وَإِنَّمَا قَالَ بِنَاءُ يُوقِنُونَ عَلَى " هُمْ " وَلَكِنْ مَشَيْنَا مَعَ هَذَا الْفَاضِلِ عَلَى كَلَامِهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ أَوْجَبَهُ الْوَهْمُ وَالْتِبَاسُ الِاخْتِصَاصِ بِالْحَصْرِ؛ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.

[قَوْله تَعَالَى يَا أَيُّهَا النَّاسُ اُعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَاَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ]
(آيَةٌ أُخْرَى)
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 21] قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فَإِنْ قُلْت هَلَّا قِيلَ تَعْبُدُونَ لِأَجْلِ اُعْبُدُوا أَوْ اتَّقُوا لِمَكَانِ تَتَّقُونَ وَأَجَابَ بِأَنَّ التَّقْوَى قُصَارَى أَمْرِ الْعَابِدِ وَلَيْسَتْ غَيْرَ الْعِبَادَةِ وَتَرَكَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَجْهًا آخَرَ مُحْتَمَلًا فَإِنَّهُ بَنَى كَلَامَهُ عَلَى أَنَّ " لَعَلَّكُمْ " مُتَعَلِّقٌ " بِخَلَقَكُمْ " وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَيَنْصَرِفُ عَنْ حَقِيقَةِ التَّرَجِّي إلَى مَجَازِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجْعَلَ " لَعَلَّكُمْ " مُتَعَلِّقًا بِاعْبُدُوا أَوْ يَكُونُ التَّرَجِّي إمَّا مِنْ الْأَمْرِ فَيُصْرَفُ إلَى الْمَجَازِ أَيْضًا وَتَكُونُ التَّقْوَى تَقْوَى النَّارِ الْمُسَبَّبَةِ عَنْ الْعِبَادَةِ، وَإِمَّا مِنْ الْمَأْمُورِ فَتَكُونُ التَّقْوَى عَلَى بَابِهَا أَيْضًا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ آنِفًا؛ وَالتَّرَجِّي عَلَى حَقِيقَتِهِ وَحِينَئِذٍ تَكُونُ صِفَةً فِي الْعِبَادَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا، فَإِذَا فُرِضَ الْأَمْرُ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ التَّرَجِّيَ بِالْمَأْمُورِ بِهِ وَالْمَأْمُورُ يَعْتَقِدُ خِلَافَهُ، كَمَا لَوْ قُلْتَ لِزَيْدٍ: اضْرِبْ عَمْرًا لَعَلَّهُ يَتَأَدَّبُ، وَأَنْتَ تَتَرَجَّى ذَلِكَ مِنْهُ؛ وَالْمَأْمُورُ قَاطِعٌ بِأَنَّهُ لَا يَتَأَدَّبُ بِذَلِكَ احْتَمَلَ أَنْ يُقَالَ لَا يَجِبُ الضَّرْبُ لِأَنَّ الضَّرْبَ الْمَأْمُورَ بِهِ هُوَ الْمُتَرَجَّى مَعَهُ، وَالْفَرْضُ خِلَافُهُ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَجِبَ، وَيَكُونُ الْمُعْتَبَرُ تَرَجِّيَ الْأَمْرِ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ عَلَى تَقْدِيرِ جَعْلِ التَّرَجِّي لِلْمَأْمُورِ لَا لِلْآمِرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.

[قَوْله تَعَالَى وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ]
(آيَةٌ أُخْرَى)
قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} [البقرة: 23] قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ " مِنْ مِثْلِهِ " مُتَعَلِّقٌ بِسُورَةٍ صِفَةٌ لَهَا أَيْ بِسُورَةٍ كَائِنَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَلَيْسَ مُرَادُهُ التَّعَلُّقَ الصِّنَاعِيَّ، لِأَنَّ الصِّفَةَ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ، وَقَدْ صَرَّحَ هُوَ بِهِ، أَوْ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ (فَأْتُوا) ثُمَّ قَالَ: وَالضَّمِيرُ لِمَا نَزَّلْنَا أَوْ لِعَبْدِنَا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ: الْأَحْسَنُ عِنْدِي أَنْ يَتَعَلَّقَ بِعَبْدِنَا، وَإِنْ عُلِّقَ بِمَا نَزَّلْنَا فَيَكُنْ بِالنَّظَرِ إلَى خُصُوصِيَّتِهِ فَيَشْمَلُ صِفَةَ الْمُنَزَّلِ فِي نَفْسِهِ وَالْمُنَزَّلُ عَنْهُ، وَإِنَّمَا قُلْت ذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَحَدَّى بِالْقُرْآنِ فِي أَرْبَعِ سُوَرٍ، فِي ثَلَاثٍ مِنْهَا

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 16
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست