responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 105
لَازِمِ الْإِضْمَارِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ مِنْ الْبَصْرِيِّينَ، وَذَهَبَ الْكِسَائِيُّ وَالرِّيَاشِيُّ إلَى أَنَّهُ نَصْبُ تَفْرِقَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُفْرَدِ، وَاخْتِيرَ النَّصْبُ لِأَنَّهُ أَخَفُّ مِنْ الْجَرِّ وَالرَّفْعِ، وَلَمَّا لَحِقَ الْمُضَافُ مِنْ الزِّيَادَةِ اُخْتِيرَ لَهُ مَا هُوَ أَخَفُّ.
وَقَالَ إنَّ حَرَكَةَ الْمُفْرَدِ إعْرَابٌ، وَخَالَفْنَا فِي ذَلِكَ سَائِرَ الْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ فِي قَوْلِهِمْ إنَّ حَرَكَةَ الْمُفْرَدِ بِنَاءٌ، وَقِيلَ النَّاصِبُ لِلْمُنَادَى حَرْفُ النِّدَاءِ نَفْسُهُ، وَلَا فِعْلَ مُضْمَرٍ بَعْدَهُ. وَرَدَّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ تَرْكِيبُ كَلَامٍ مِنْ حَرْفٍ وَاسْمٍ.
وَقَالَ الْفَارِسِيُّ النَّاصِبُ الْحَرْفُ عِوَضًا مِنْ الْفِعْلِ النَّاصِبِ فَهُوَ مُشَبَّهٌ بِالْمَفْعُولِ، وَقِيلَ أَدَاةُ النِّدَاءِ اسْمُ فِعْلٍ. وَرُدَّ بِأَنَّ اسْمَ الْفِعْلِ إنَّمَا جَاءَ أَمْرًا وَخَبَرًا، وَالنِّدَاءُ غَيْرُهُمَا. وَقِيلَ النَّاصِبُ لِلْمُنَادَى، مَعْنَوِيٌّ وَهُوَ الْقَصْدُ. وَرُدَّ بِأَنَّ عَامِلَ النَّصْبِ لَا يَكُونُ مَعْنَوِيًّا. وَقِيلَ إنَّ الْمُنَادَى إذَا كَانَ صِفَةً كَانَ النِّدَاءُ خَبَرًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَانَ إنْشَاءً.
وَهَذَا ضَعِيفٌ بَلْ هُوَ إنْشَاءٌ مُطْلَقًا؛ وَيَا إيَّاكَ قِيَاسٌ، لِأَنَّ الْمَوْضِعَ مَوْضِعُ النَّصْبِ، وَيَا أَبَتِ شَاذٌّ، وَقَالَ الْأَحْوَصُ الْيَرْبُوعِيُّ لِأَبِيهِ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْطُبَ فِي عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ يَا إيَّاكَ.
وَقَالَ أَبُو حَيَّانَ إنَّ " يَا " فِي إيَّاكَ تَنْبِيهٌ وَإِنَّ الْقِيَاسَ أَنْ لَا يُنَادَى الْمُضْمَرُ أَصْلًا لَا مَرْفُوعًا وَلَا مَنْصُوبًا، وَشَرْطُ الْمُنَادَى الْمُضَافِ أَنْ لَا يُضَافَ إلَى ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِ. لِأَنَّ الْمُنَادَى لَا يَكُونُ إلَّا مُخَاطَبًا. وَمِنْ تَمَامِ كَلَامِ أَبِي حَيَّانَ أَنَّ " إيَّاكَ " مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْفِعْلُ الَّذِي بَعْدَهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [البقرة: 40] أَيْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُوا.
وَقَالَ ابْنُ عُصْفُورٍ لَا يُنَادَى الْمُضْمَرُ إلَّا نَادِرًا وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ عُصْفُورٍ أَقْرَبُ إلَى الصِّفَةِ وَالْقِيَاسِ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ عِلْمِ النَّحْوِ.
(الثَّالِثُ) : وَأَمَّا حَذْفُ الْيَاءِ مِنْهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ فِي كُلِّ مُنَادَى مُضَافٍ إلَى يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ إضَافَةَ تَخْصِيصٍ، وَقَوْلُنَا إضَافَةَ تَخْصِيصٍ احْتِرَازٌ مِنْ يَا وَأَنْتَ تُرِيدُ الْحَالَ أَوْ الِاسْتِقْبَالَ فَإِنَّ إضَافَتَهُ إضَافَةُ تَخْفِيفٍ وَإِنَّ فَلَا تُحْذَفُ وَلَا تُقْلَبُ الْيَاءُ وَلَا يُفْتَحُ مَا قَبْلَهَا، وَلَيْسَ لَهَا حَظٌّ فِي غَيْرِ الْفَتْحِ وَالسُّكُونِ أَمَّا مَا كَانَتْ إضَافَتُهُ إضَافَةَ تَخْصِيصٍ فَفِيهِ لُغَاتٌ، وَأَفْصَحُهَا حَذْفُ الْيَاءِ كَمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ " رَبِّ ".
وَثَانِيهَا: إسْكَانُهَا، وَثَالِثُهَا: قَلْبُهَا أَلِفًا، وَرَابِعُهَا: أَنْ يُسْتَغْنَى عَنْهَا بِفَتْحَةِ مَا قَبْلَهَا. وَهَذَا أَجَازَهُ الْأَخْفَشُ، وَمَنَعَهُ غَيْرُهُ فِي غَيْرِ النِّدَاءِ. وَاحْتَجَّ مَنْ أَجَازَهُ بِقِرَاءَةِ حَفْصٍ (يَا بُنَيَّ) وَخَرَّجَهُ الْفَارِسِيُّ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ يَا بُنَيْيَ ثُمَّ يَا بُنَيًّا، ثُمَّ حُذِفَتْ الْأَلِفُ كَقِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ (يَا أَبَتَ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَخَامِسُهَا الضَّمُّ كَقِرَاءَةِ حَفْصٍ {قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ} [الأنبياء: 112] وَقِرَاءَةِ بَعْضِهِمْ {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ} [يوسف: 33] وَأَمَّا إعْرَابُهُ فَذَهَبَ الْجُرْجَانِيُّ وَابْنُ الْخَشَّابِ وَالْمُطَرِّزِيُّ وَعَامَّةُ كَلَامِ الزَّمَخْشَرِيِّ إلَى أَنَّهُ مَبْنِيٌّ. وَقَالَ ابْنُ جِنِّي لَا مُعْرَبٌ وَلَا مَبْنِيٌّ.
وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 105
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست