responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 106
مُعْرَبٌ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ؛ وَتُقَدَّرُ فِيهِ الْحَرَكَاتُ الْإِعْرَابِيَّةُ. وَذَهَبَ ابْنُ مَالِكٍ إلَى أَنَّهُ فِي حَالَةِ الْجَرِّ الْحَرَكَةُ فِيهِ ظَاهِرَةٌ وَفِي حَالَةِ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ مُقَدَّرَةٌ. وَقَالَ بِهِ فِي الْجَمْعِ. وَسَبَقَهُ إلَيْهِ فِي الْجَمْعِ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ كُلُّهَا مِنْ عِلْمِ النَّحْوِ.
(الْخَامِسُ) : وَدَعَا سُلَيْمَانُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِهَذَا الِاسْمِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى التَّرْبِيَةِ. وَالْمَقَامُ مَقَامُ الِاسْتِعْطَافِ، وَحُذِفَ مِنْهُ حَرْفُ النِّدَاءِ إشَارَةً إلَى كَمَالِ الْقُرْبِ. وَهَذَا مِنْ عِلْمِ الْبَيَانِ.
(السَّادِسُ) : وَقَوْلُهُ {رَبِّ اغْفِرْ لِي} [ص: 35] الَّذِي نَخْتَارُهُ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - مَعْصُومُونَ مِنْ الْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ عَمْدًا وَسَهْوًا، وَتَقْرِيرُهُ مَذْكُورٌ فِي أُصُولِ الدِّينِ ذَلِكَ. وَإِنَّمَا قَالَ سُلَيْمَانُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ذَلِكَ جَرْيًا عَلَى عَادَةِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - وَالصَّالِحِينَ فِي تَقْدِيمِهِمْ أَمْرَ الْآخِرَةِ عَلَى أَمْرِ الدُّنْيَا وَتَوَاضُعًا وَسُلُوكًا لِلْأَدَبِ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى؛ وَجَعَلَ ذَلِكَ تَوْطِئَةً وَمُقَدِّمَةً لِقَوْلِهِ {وَهَبْ لِي مُلْكًا} [ص: 35] وَأَنَّ هِبَةَ الْمُلْكِ لَهُ أَيْضًا مِنْ أَمْرِ الدِّينِ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ.
(السَّابِعُ) : أَدْغَمَ أَبُو عَمْرٍو الرَّاءَ فِي اللَّامِ وَبَقِيَّةُ الْقُرَّاءِ أَظْهَرُوهَا. وَهُوَ أَرْجَحُ عِنْدَ النُّحَاةِ وَنَسَبُوا قِرَاءَةَ أَبِي عَمْرٍو إلَى الشُّذُوذِ لِأَنَّ الرَّاءَ عِنْدَهُمْ لَا تُدْغَمُ فِي شَيْءٍ قَالَ سِيبَوَيْهِ وَالرَّاءُ لَا تُدْغَمُ فِي اللَّامِ وَلَا فِي النُّونِ لِأَنَّهَا مُكَرَّرَةٌ وَهِيَ تُفْشَى إذَا كَانَ مَعَهَا غَيْرُهَا فَكَرِهُوا أَنْ يُجْحِفُوا بِهَا فَتُدْغَمُ مَعَ مَا لَيْسَ يَتَفَشَّى فِي الْفَمِ مِثْلُهَا وَلَا يُكَرَّرُ وَيُقَوِّي هَذَا أَنَّ الطَّاءَ وَهِيَ مُطْبَقَةٌ لَا تَجْعَلُ مَعَ التَّاءِ تَاءً خَالِصَةً لِأَنَّهَا أَدْخَلُ مِنْهَا بِالْإِطْبَاقِ فَهَذِهِ أَجْدَرُ أَنْ لَا تُدْغَمَ إذْ كَانَتْ مُكَرَّرَةً. وَذَلِكَ قَوْلُك اُجْبُرْ لِبَطَّةٍ وَاخْتَرْ نَقْلًا وَقَالَ الْآمِدِيُّ قِرَاءَةُ أَبِي عَمْرٍو فِي " يَغْفِرْ لَكُمْ " شَاذَّةٌ.
وَقَدْ قِيلَ إنَّهَا إخْفَاءٌ وَلَيْسَ بِإِدْغَامٍ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ عِلْمِ الْقِرَاءَاتِ وَالنَّحْوِ جَمِيعًا.
(الثَّامِنُ) : قَوْلُهُ {وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35] قِيلَ إنَّ سَبَبَهُ أَنَّ سُلَيْمَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَشَأَ فِي بَيْتِ الْمُلْكِ وَالنُّبُوَّةِ وَكَانَ وَارِثًا لَهُمَا. فَأَرَادَ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ رَبِّهِ مُعْجِزَةً. فَطَلَبَ عَلَى حَسَبِ إلْفِهِ مِلْكًا زَائِدًا عَلَى الْمَمَالِكِ زِيَادَةً خَارِقَةً لِلْعَادَةِ بَالِغَةً حَدَّ الْإِعْجَازِ.
لِيَكُونَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى نُبُوَّتِهِ قَاهِرًا لِلْمَبْعُوثِ إلَيْهِمْ وَأَنْ يَكُونَ مُعْجِزَةً حَتَّى يَخْرِقَ الْعَادَةَ. وَإِذَا عُرِفَ هَذَا عُرِفَ أَنَّهُ لِأَجْلِ الدِّينِ لَا لِأَجْلِ الدُّنْيَا. وَقِيلَ: إنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إنَّ اللَّهَ عَلِمَ فِيمَا اخْتَصَّ بِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمُلْكِ الْعَظِيمِ مَصَالِحَ فِي الدُّنْيَا وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَضْطَلِعُ بِأَعْبَائِهِ غَيْرُهُ، وَاقْتَضَتْ الْحِكْمَةُ اسْتِيهَابَهُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَسْتَوْهِبَهُ إيَّاهُ فَاسْتَوْهَبَهُ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَصْطَبِرُ عَلَيْهَا إلَّا هُوَ وَحْدَهُ دُونَ سَائِرِ عِبَادِهِ.
وَقِيلَ إنْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ مُلْكًا عَظِيمًا فَعَبَّرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ {لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35] وَلَمْ يَقْصِد إلَّا عِظَمَ الْمُلْكِ وَسَعَتَهُ كَمَا تَقُولُ لِفُلَانٍ

اسم الکتاب : فتاوى السبكي المؤلف : السبكي، تقي الدين    الجزء : 1  صفحة : 106
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست