responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 125
يَمِينِهِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ فِي الصَّلَاةِ لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهَا، وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا؛ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْأُمِّ - فِي أَقَلِّ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ؛ أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ مَكْرُوهٌ؛ لَا أَنَّ ذَاتَه مَكْرُوهَةٌ وَكَذَا قَوْلُهُمْ: إنَّ صَلَاةَ الْوِتْرِ رَكْعَةً مَكْرُوهَةٌ، مَعْنَاهُ أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهَا مَكْرُوهٌ فَيُثَابُ عَلَيْهَا وَعَلَى أَقَلِّ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لَمْ تَحْصُلْ إلَّا مِنْ حَيْثُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ذَلِكَ وَتَرْكُهُ لِلْأَكْمَلِ، لَا مِنْ حَيْثُ الصَّلَاةُ.
نَعَمْ، الصَّلَاةُ الَّتِي لَا خُشُوعَ فِيهَا مَكْرُوهَةٌ، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا يُثَابُ عَلَيْهَا؛ فَيَجُوزُ أَنْ يَخْتَصَّ ذَلِكَ بِفَقْدِ الْخُشُوعِ؛ لِتَأَكُّدِ شَأْنِهِ. وَمِنْ ثَمَّ قَالَ كَثِيرُونَ: إنَّهُ فِي جُزْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ شَرْطٌ فَمَتَى لَمْ يَحْصُلْ فِي جُزْءٍ مِنْهَا كَانَتْ بَاطِلَةً عِنْدَهُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: الْفَائِتُ بِفَقْدِ الْخُشُوعِ إنَّمَا هُوَ ثَوَابُ الْحُضُورِ فِي الصَّلَاةِ وَتَدَبُّرُ أَذْكَارِهَا وَأَفْعَالِهَا مَا عَدَا ذَلِكَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي رَجُلٍ صَلَّى فِي مَقَابِرِ الْأَنْبِيَاءِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ - فَهَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ بِلَا كَرَاهَةٍ؛ لِأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ فَإِنْ كَانُوا أَحْيَاءً فَهَلْ حَيَاتُهُمْ كَحَيَاتِنَا، فَيَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَلْبَسُونَ وَهَلْ هُمْ مُكَلَّفُونَ بِالْعِبَادَةِ كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ، أَوْ بِعِبَادَةِ أُخْرَى.
(فَأَجَابَ) - نَفَعَ اللَّهُ بِعُلُومِهِ وَبَرَكَتِهِ -: تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِلَا كَرَاهَةٍ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِحَيَاةِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ - حَيَاةً كَحَيَاتِنَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ حَتَّى يَقْتَضِيَ الِاحْتِيَاجَ إلَى نَحْوِ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَالتَّكْلِيفَ بِنَحْوِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ؛ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهَا أَنَّهَا كَحَيَاةِ الْمَلَائِكَةِ؛ فِي عَدَمِ احْتِيَاجِهَا إلَى ذَلِكَ؛، أَوْ فِي أَنَّ الْعِبَادَاتِ الَّتِي تَقَعُ مِنْهُمْ إنَّمَا هِيَ عَلَى وَجْهِ التَّلَذُّذِ بِخِطَابِ الْحَقِّ وَشُهُودِهِ فِي تَعَاطِي صُوَرِ مَا عَظُمَ شَأْنُهُ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ فِي ذَلِكَ أَجَلُّ وَأَكْمَلُ. فَمِنْ ثَمَّ خُصُّوا بِجَرَيَانِ أَفْضَلِ الْعِبَادَاتِ عَلَى أَجْسَامِهِمْ وَأَرْوَاحِهِمْ الْبَاقِيَةِ الْأَبَدِيَّةِ تَخْصِيصًا لَهُمْ بِاتِّسَاعِ مَوَاطِنِ الْقُرْبِ، وَإِتْحَافًا لَهُمْ بِإِسْبَاغِ سَوَابِقِ الرِّضَا وَالْمَحَبَّةِ، وَإِعْلَامًا لِغَيْرِهِمْ بِأَنَّ مَوَائِدَ الْإِنْعَامِ وَمَزِيدَ الْإِكْرَامِ لَمْ تَزَلْ مُنَزَّلَةً عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ انْقِطَاعٍ لَهَا عَنْهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ وَشَرَّفَ وَكَرَّمَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) : - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَثِيرُ الْوَسْوَسَةِ هَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِغَالِبِ ظَنِّهِ فِي أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ فِي الصَّلَاةِ وَالطَّهَارَةِ لِتَعَسُّرِ الْيَقِينِ مِنْهُ؟
(فَأَجَابَ) - فَسَحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ -: بِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي إعْدَادِ الصَّلَاةِ مِنْ الْيَقِينِ، وَأَمَّا نَحْوُ الْفَاتِحَةِ فِيهَا فَلَا يَضُرُّ الشَّكُّ فِيهَا بَعْدَ فَرَاغِهَا، وَكَذَا سَائِرُ أَرْكَانِهَا، كَمَا أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلشَّكِّ فِي غَيْرِ النِّيَّةِ وَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ بَعْدَ السَّلَامِ، وَأَمَّا الشُّرُوطُ فَلَا يُشْتَرَطُ تَيَقُّنُهَا بَلْ يَكْفِي ظَنُّهَا؛ وَمِنْ ثَمَّ جَازَ لِمَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ وَلَا نَظَرَ لِشَكِّهِ عَمَلًا بِأَصْلِ اسْتِصْحَابِ الطَّهَارَةِ.
وَأَمَّا الْوُضُوءُ فَإِنْ شَكَّ فِي بَعْضِ أَرْكَانِهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ لَمْ يُؤَثِّرْ أَوْ قَبْلَ فَرَاغِهِ أَثَّرَ، وَيَكْتَفِي فِي غَسْلِ نَحْوِ الْوَجْهِ بِظَنِّ عُمُومِ الْمَاءِ لَهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَيَقُّنُ ذَلِكَ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْفَاتِحَةِ أَنَّهُ إنْ كَانَ شَكَّ فِي اسْتِيعَابِهِ قَبْلَ فَرَاغِ غَسْلِهِ أَثَّرَ، أَوْ بَعْدَ فَرَاغِ غَسْلِهِ لَمْ يُؤَثِّرْ؛ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلْت) مَا الْحِكْمَةُ فِي جَعْلِ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ وَجَعْلِ الْمَثْنَى فِي وَقْتِهَا وَغَيْرِهَا فِي وَقْتِهَا؟
(فَأَجَبْت) : يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مِنْ الْحِكَمِ فِي جَعْلِ الصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ فِي وَقْتِهَا الْمَعْرُوفِ؛ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَقِبَ الِاسْتِيقَاظِ مِنْ النَّوْمِ - وَذَلِكَ وَقْتٌ يَغْلِبُ فِيهِ التَّكَاسُلُ، أَوْ عَدَمُ النَّشَاطِ - نَاسَبَ أَنْ يُخَفَّفَ فِي وَظِيفَتِهِ بِجَعْلِهَا أَقَلَّ الْفُرُوضِ عَدَدًا.
وَأَيْضًا فَالْإِنْسَانُ فِي هَذَا الْوَقْتِ لَا يَسْبِقُ مِنْ أَوَّلِ نَهَارِهِ - وَهُوَ الْفَجْرُ الثَّانِي إلَى الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ - كَبِيرُ فَرَطَاتٍ وَزَلَّاتٍ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى كَبِيرِ عَمَلٍ يَتَدَارَكُهَا بِهِ.
وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ التَّعَدُّدَ مَقْصُودٌ كَمَا يَأْتِي، وَالْوَاحِدُ لَيْسَ بِعَدَدٍ وَإِنَّمَا هُوَ مَبْدَؤُهُ فَضُمَّ إلَيْهِ مِثْلُهُ فَصَارَ إلَى مَرْتَبَةِ أَقَلِّ الْعَدَدِ.
وَأَيْضًا فَالتَّعَبُّدُ بِالرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ فِي غَيْرِ الْوِتْرِ غَيْرُ مُعْتَادٍ وَلَا مَأْلُوفٍ حَتَّى عِنْدَ ذَوِي الْبَطَالَاتِ وَالتَّكَاسُلِ عَنْ الْعِبَادَاتِ؛ فَلَمْ يُجْعَلْ الصُّبْحُ رَكْعَةً لِذَلِكَ بَلْ رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ جَلَاءِ الْقَلْبِ، وَطَهَارَةِ السِّرِّ مَا لَا يَخْفَى؛ فَنَاسَبَ طَلَبَ تَكْرَارِ ذَلِكَ أَوَّلَ النَّهَارِ إشْعَارًا بِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي هَذَا الْأَمْرِ - أَعْنِي التَّطْهِيرَ - مِنْ التَّكْرَارِ وَلَوْ بِأَقَلِّ مَرَاتِبِهِ وَهُوَ الِاثْنَانِ، فَاتَّضَحَتْ حِكْمَةُ كَوْنِهَا رَكْعَتَيْنِ فَإِنْ قُلْت يُنَافِي

اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 125
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست