responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 124
صَارَتْ قَضَاءً لَكِنَّهُ لَا إثْمَ فِيهِ، نَظِيرُ: مَا لَوْ أَخَّرَ الْمُسَافِرُ الظُّهْرَ مَثَلًا عَلَى نِيَّةِ التَّأْخِيرِ، حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا، ثُمَّ أَرَادَ دُخُولَ مَنْزِلِهِ قَبْلَ فِعْلِهَا فِي السَّفَرِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ عَلَى الْأَوْجَهِ، كَمَا بَيَّنْته فِي حَاشِيَةِ مَنَاسِكِ النَّوَوِيِّ الْكُبْرَى؛ رَادًّا عَلَى مَنْ زَعَمَ خِلَافَهُ، وَوَجْهُ الْجَوَازِ أَنَّ فِعْلَهَا فِي السَّفَرِ إنَّمَا يَحْصُلُ وَصْفُ الْأَدَاءِ فَقَطْ. بِخِلَافِ فِعْلِهَا فِي الْحَضَرِ، فَإِنَّهُ يُزِيلُ ذَلِكَ الْوَصْفَ وَيَجْعَلُهَا قَضَاءً، وَهَذَا لَا يَقْتَضِي الْحُرْمَةَ؛ لِأَنَّا وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهَا قَضَاءٌ لَا إثْمَ فِيهِ؛ إذْ الْقَضَاءُ الَّذِي فِيهِ الْإِثْمُ أَنْ يَتَعَمَّدَ خُرُوجَهَا عَنْ الْوَقْتِ لَا لِعُذْرٍ، وَهَذَا إنَّمَا تَعَمَّدَ خُرُوجَهَا عَنْهُ لِعُذْرِ السَّفَرِ. فَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ مَدَّ فِيهَا بِنَحْوِ الْقِرَاءَةِ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا، وَلَمْ يُوقِعْ مِنْهَا رَكْعَةً فِيهِ، فَإِنَّهَا تَكُونُ مَقْضِيَّةً وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَالسَّفَرُ وَإِنْ جَعَلَ الْوَقْتَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْوَقْتِ الْوَاحِدِ لَكِنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِتَسْمِيَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مُؤَدَّاةً وَإِنْ وَقَعَتْ فِي وَقْتِ الْأُخْرَى، لَا بِالنِّسْبَةِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ إيقَاعُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي السَّفَرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا وَجْهَ لَهُ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّنْ يُؤَخِّرُ الْعَصْرَ حَتَّى تَكَادَ الشَّمْسُ تَغْرُبُ، هَلْ يَأْثَمُ بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَمْ هُوَ فِي الْوَقْتِ مَا لَمْ تَغْرُبْ؟ وَهَلْ إذَا تَكَرَّرَ مِنْهُ هَذَا طُولَ عُمُرِهِ يَكُونُ عَدْلًا أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) - نَفَعَ اللَّهُ بِهِ -: بِأَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُ صَلَاةِ الْعَصْرِ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا بِشَرْطِ أَنْ يُوقِعَهَا جَمِيعَهَا فِي الْوَقْتِ قَبْلَ الْغُرُوبِ؛ فَإِنْ كَانَ الْمَسْئُولُ عَنْهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لَمْ يَأْثَمْ بِالتَّأْخِيرِ؛ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ وَيَكُونُ عَدْلًا وَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ، لَكِنْ يَنْبَغِي لَهُ تَرْكُهُ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ، يَجْلِسُ يَرْقُبُ الشَّمْسَ، حَتَّى إذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ، قَامَ فَيَنْقُرُهَا أَرْبَعًا، لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إلَّا قَلِيلًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) - نَفَعَ اللَّهُ بِعُلُومِهِ وَمُتِّعَ بِحَيَاتِهِ -: هَلْ يُوجَدُ ضَابِطٌ صَحِيحٌ مُعْتَمَدٌ فِي مَعْرِفَةِ أَوَّلِ وَقْتَيْ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فَتَفَضَّلُوا بِهِ، وَكَذَلِكَ فِي مَعْرِفَةِ أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ مِنْ السَّنَةِ الرُّومِيَّةِ؛ فَقَدْ كَثُرَتْ الضَّوَابِطُ فِي ذَلِكَ، وَكَثُرَ اخْتِلَافُهَا
(فَأَجَابَ) : - أَمَدَّنِي اللَّهُ مِنْ مَدَدِهِ وَحَشَرَنِي فِي زُمْرَتِهِ -: الضَّابِطُ الصَّحِيحُ فِي ذَلِكَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى تَعَلُّمِ عِلْمِ الْمِيقَاتِ، فَلَا فَائِدَةَ فِي ذِكْرِهِ لِمَنْ لَا يَعْرِفُهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَفَسَحَ فِي مُدَّتِهِ - عَنْ قَوْلِهِمْ: تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي قَارِعَةِ الطَّرِيقِ فَإِذَا كَانَ بِمَوْضِعٍ يَمُرُّ فِيهِ السَّيْلُ، وَهُوَ طَرِيقٌ أَيْضًا؛ فَأُقِيمَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ لِلصَّلَاةِ فَهَلْ هِيَ مَكْرُوهَةٌ أَمْ لَا؟ فَإِنْ قُلْتُمْ: هِيَ مَكْرُوهَةٌ. فَمَا تَعْلِيلُ الْكَرَاهَةِ؛ وَقَوْلُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ: الْكَرَاهَةُ تُجَامِعُ الثَّوَابَ؟ وَهَلْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ يُجْرِي ذَلِكَ فِي جَمِيعِ مَا يُكْرَهُ أَمْ فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ دُونَ بَعْضٍ أَوْضِحُوا لَنَا ذَلِكَ
(فَأَجَابَ) - مَتَّعَنِي اللَّهُ بِحَيَاتِهِ وَنَفَعَنِي بِمَعْلُومَاتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ -: بِأَنَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ اشْتِغَالُ الْقَلْبِ بِالْمَارَّةِ فَيَنْتَفِي الْخُشُوعُ أَوْ كَمَالُهُ؛ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْمَدَارَ فِي الْكَرَاهَةِ عَلَى مَا يُشَوِّشُ الْخُشُوعَ؛ فَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الطَّرِيقَ فِي الْبُنْيَانِ لَا مَارَّةَ فِيهَا وَفِي الصَّحْرَاءِ فِيهَا مَارَّةٌ؛ كُرِهَتْ الصَّلَاةُ فِي الطَّرِيقِ الَّتِي بِالصَّحْرَاءِ دُونَ الَّتِي فِي الْبُنْيَانِ؛ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ.
وَإِنَّمَا أَطْلَقُوا الْكَرَاهَةَ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى؛ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ؛ وَهُوَ أَنَّ طَرِيقَ الْبُنْيَانِ لَا يَخْلُو عَنْ مَارٍّ بِخِلَافِ طَرِيقِ الصَّحْرَاءِ؛ وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الطَّرِيقِ الَّتِي يَغْلِبُ فِيهَا الْمُرُورُ فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ خَارِجِهِ بَلْ كُلُّ مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْمُرُورُ - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَرِيقًا - تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهِ حَالَ مُرُورِ النَّاسِ؛ كَمَنْ يُصَلِّي فِي الْمَطَافِ وَقْتَ طَوَافِ النَّاسِ فَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِاشْتِغَالِهِ بِالْمَارَّةِ؛ كَالْمُصَلِّي فِي الطَّرِيقِ فِي الْبُنْيَانِ، وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ أَيْضًا فِي مَحَلِّ مُرُورِ السَّيْلِ إذَا غَلَبَ مُرُورُهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ؛ لِاشْتِغَالِ الْقَلْبِ بِهِ إذَا مَرَّ؛ لِلْخَوْفِ مِنْهُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، فَيَنْتَفِي الْخُشُوعُ أَيْضًا. ثُمَّ الْكَرَاهَةُ فِي الصَّلَاةِ تَارَةً تَكُونُ ذَاتِيَّةً وَهَذِهِ تُنَافِي انْعِقَادَ الصَّلَاةِ فَضْلًا عَنْ ثَوَابِهَا؛ كَالصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ فَإِنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ حَتَّى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ. وَمَعْنَى كَوْنِهَا ذَاتِيَّةً؛ أَنَّ الْكَرَاهَةَ بِسَبَبِ كَوْنِهَا صَلَاةً، وَتَارَةً تَكُونُ غَيْرَ ذَاتِيَّةٍ؛ بِأَنْ يَكُونَ سَبَبُهَا أَمْرًا خَارِجًا عَنْ كَوْنِهَا صَلَاةً، فَهَذِهِ لَا تُنَافِي الثَّوَابَ مِنْ أَصْلِهِ وَإِنَّمَا تُنَافِي كَمَالَهُ، فَمِنْهَا: الِالْتِفَاتُ فِي الصَّلَاةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، وَرَفْعُ الْبَصَرِ فِيهَا إلَى السَّمَاءِ، وَالْبُصَاقُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَظْهَرَ مَعَهُ حَرْفَانِ قُبَالَتَهُ، أَوْ عَنْ

اسم الکتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 124
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست