responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 73
بِالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى الَّتِي تُوَافِقُ قَصْدَهُ. قَالَ الْبَاجِيُّ: وَهَذَا مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِهِ فِي الْإِجْمَاعِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي اخْتِلَافِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَضِيَ عَنْهُمْ مُخْطِئٌ وَمُصِيبٌ فَعَلَيْك بِالِاجْتِهَادِ.
وَقَالَ: لَيْسَ كَمَا قَالَ أُنَاسٌ فِيهِ تَوْسِعَةٌ لَنَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: قُلْت لَا تَوْسِعَةَ فِيهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَقْوَالِهِمْ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى ظُهُورِ الرَّاجِحِ، وَفِيهِ تَوْسِعَةٌ بِمَعْنَى أَنَّ اخْتِلَافَهُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلِاجْتِهَادِ مَجَالًا فِيمَا بَيْنَ أَقْوَالِهِمْ، وَأَنْ لَيْسَ مِمَّا يُقْطَعُ فِيهِ بِقَوْلِ وَاحِدٍ مُتَعَيَّنٍ لَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِي خِلَافِهِ، قَالَ: فَإِذَا وَجَدَ مَنْ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّخْرِيجِ، وَلِلتَّرْجِيحِ بِالدَّلِيلِ اخْتِلَافًا بَيْنَ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ فِي الْأَصَحِّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْوَجْهَيْنِ. فَيَنْبَغِي أَنْ يَفْزَعَ فِي التَّرْجِيحِ إلَى صِفَاتِهِمْ الْمُوجِبَةِ لِزِيَادَةِ الثِّقَةِ بِآرَائِهِمْ فَيَعْمَلُ بِقَوْلِ الْأَكْبَرِ وَالْأَرْوَعِ وَالْأَعْلَمِ، فَإِذَا اخْتَصَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِصِفَةٍ أُخْرَى قَدَّمَ الَّذِي هُوَ أَحْرَى مِنْهُمَا بِالْإِصَابَةِ، فَالْأَعْلَمُ الْوَرِعُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَوْرَعِ الْعَالِمِ، وَاعْتَبَرْنَا ذَلِكَ فِي هَذَا كَمَا اعْتَبَرْنَا فِي التَّرْجِيحِ عِنْدَ تَعَارُضِ الْأَخْبَارِ صِفَاتِ رُوَاتِهَا.
وَكَذَلِكَ إذَا وَجَدَ قَوْلَيْنِ أَوْ وَجْهَيْنِ لَمْ يَبْلُغْهُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّتِهِ بَيَانُ الْأَصَحِّ مِنْهُمَا اعْتَبَرَ أَوْصَافَ نَاقِلِيهِمَا أَوْ قَائِلِيهِمَا، فَمَا رَوَاهُ الْمُزَنِيّ أَوْ الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ مُقَدَّمٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا عَلَى مَا حَكَاهُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ عَنْهُمْ، وَالْمُزَنِيُّ وَالرَّبِيعُ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - دُونَ أَبِي سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيِّ، وَهَذَا الْحُكْمُ جَارٍ فِي أَصْحَابِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَمُقَلِّدِيهِمْ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَفِيمَا اسْتَنْفَدْته مِنْ الْغَرَائِبِ بِخُرَاسَانَ عَنْ الشَّيْخِ حُسَيْنِ بْنِ مَسْعُودٍ صَاحِبِ التَّهْذِيبِ عَنْ شَيْخِهِ الْقَاضِي حُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: إذَا اخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي مَسْأَلَةٍ وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ يُوَافِقُ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ فَأَيُّهُمَا أَوْلَى بِالْفَتْوَى؟ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: مَا يُخَالِفُ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَوْلَا أَنَّ الشَّافِعِيَّ عَرَفَ فِيهِ مَعْنًى خَفِيًّا لَكَانَ لَا يُخَالِفُ أَبَا حَنِيفَةَ.
وَقَالَ الشَّيْخُ الْقَفَّالُ مَا يُوَافِقُ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْلَى. قَالَ: وَكَانَ الْقَاضِي يَذْهَبُ إلَى التَّرْجِيحِ بِالْمَعْنَى وَيَقُولُ كُلُّ قَوْلٍ كَانَ مَعْنَاهُ أَرْجَحَ فَذَلِكَ أَوْلَى وَأُفْتِي بِهِ، قَالَ قُلْت: وَقَوْلُ الْقَفَّالِ الْمَرْوَزِيِّ أَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ، وَكِلَاهُمَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُعَارِضْ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْقَوْلِ الْآخَرِ تَرْجِيحٌ آخَرُ مِثْلُهُ أَوْ أَقْوَى مِنْهُ، وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ مِنْ التَّرْجِيحِ مُعْتَبَرَةٌ أَيْضًا بِالنِّسْبَةِ إلَى أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ، قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي أَوَّلِ النَّوَادِرِ: إنَّ كِتَابَهُ اشْتَمَلَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ اخْتِلَافِ الْمَالِكِيِّينَ، قَالَ:

اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 73
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست