responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 72
قَائِلُهُ، وَقَدْ أَجَازَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الصَّلَاةَ عَلَى جُلُودِ السِّبَاعِ إذَا ذُكِّيَتْ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى خِلَافِهِ، وَأَبَاحَ بَيْعَ مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ مِنْ غَيْرِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَأَجَازَ أَكْلَ الصَّيْدِ إذَا أَكَلَ مِنْهُ الْكَلْبُ، وَلَمْ يُرَاعِ فِي ذَلِكَ خِلَافَ الْجُمْهُورِ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ فِي كِتَابِهِ الْجَامِعِ لِأُصُولِ الْفِقْهِ بِمَسَائِلَ وَأَدِلَّةٍ مِنْ الْحَدِيثِ يَطُولُ ذِكْرُهَا، وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ ذِكْرِ الْأَشْهَرِ مَرَّةً وَذِكْرِ الْمَشْهُورِ أُخْرَى فَقَالَ ابْنُ رَاشِدٍ إنَّ ذِكْرَ الْأَشْهَرِ فِي اصْطِلَاحِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ الْآخَرَ مَشْهُورٌ؛ لِأَنَّ صِيغَةَ أَفْعَلَ ظَاهِرَةٌ فِي التَّفْضِيلِ، وَلَكِنِّي رَأَيْته يُطْلِقُ الْأَشْهَرَ عَلَى مَا يَقُولُ غَيْرُهُ فِيهِ: إنَّهُ مَشْهُورٌ، قَالَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَصَدَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ لِرَشَاقَتِهَا وَقِلَّةِ حُرُوفِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - انْتَهَى.
وَهَذَا مَقْصِدٌ بَعِيدٌ عَنْ مُرَادِ الْمُؤَلِّفِ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَعَلَّهُ قَصَدَ ذَلِكَ لِقِيَامِ الْأَشْهَرِيَّةِ عِنْدَهُ، وَهَذَا أَيْضًا أَبْعَدُ مِنْ الْأَوَّلِ، فَإِنَّ الْمُؤَلِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَانَ مَشْهُورًا بِالْوَرَعِ التَّامِّ وَالتَّحَرُّزِ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْعُهْدَةِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ -: أَنَّ قَصْدَهُ الْإِفَادَةُ بِمَا نَقَلَهُ أَئِمَّةُ الْمَذْهَبِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْعِرَاقِيِّينَ يُخَالِفُونَ فِي الْمَشْهُورِ، وَكَذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْمِصْرِيِّينَ وَالْمَغَارِبَةِ يُخَالِفُونَ فِي الْمَشْهُورِ كَابْنِ الْعَرَبِيِّ مِنْ الْمَغَارِبَةِ وَالْقَاضِي سَنَدٍ مِنْ الْمِصْرِيِّينَ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الشُّيُوخِ فَأَفَادَ بِقَوْلِهِ الْأَشْهَرُ تَعْيِينَ الْمَشْهُورِ الَّذِي هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ شَهَرَهُ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ، وَفَائِدَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْحُكْمَ وَالْفَتْوَى يَكُونُ بِالْأَشْهَرِ لَا بِالْقَوْلِ الْمُقَابِلِ لَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ يَلْزَمُ الْقَاضِيَ الْمُقَلِّدَ إذَا وَجَدَ الْمَشْهُورَ أَنْ لَا يَخْرُجَ عَنْهُ]
ُ وَذَكَرَ عَنْ الْمَازِرِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَنَّهُ بَلَغَ رُتْبَةَ الِاجْتِهَادِ وَمَا أَفْتَى قَطُّ بِغَيْرِ الْمَشْهُورِ وَعَاشَ ثَلَاثًا وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَكَفَى بِهِ قُدْوَةً فِي هَذَا، فَإِنْ لَمْ يَقِفْ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ أَوْ الْقَوْلَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ التَّشَهِّي وَالْحُكْمُ بِمَا شَاءَ مِنْهُمَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ فِي التَّرْجِيحِ، فَقَدْ قَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ فِي كِتَابِ الْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي: اعْلَمْ بِأَنَّ مَنْ يَكْتَفِي بِأَنْ يَكُونَ فُتْيَاهُ أَوْ عَمَلُهُ مُوَافِقًا لِقَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ فِي الْمَسْأَلَةِ وَيَعْمَلُ بِمَا شَاءَ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْوُجُوهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ فِي التَّرْجِيحِ فَقَدْ جَهِلَ وَخَرَقَ الْإِجْمَاعَ، وَسَبِيلُهُ سَبِيلُ الَّذِي حَكَى عَنْهُ أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ الْمَالِكِيُّ مِنْ فُقَهَاءِ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إنَّ الَّذِي لِصَدِيقِي عَلَيَّ إذَا وَقَعَتْ لَهُ حُكُومَةٌ أَنْ أُفْتِيَهُ بِالرِّوَايَةِ الَّتِي تُوَافِقُهُ، وَحَكَى الْبَاجِيُّ عَمَّنْ يَثِقُ بِهِ أَنَّهُ وَقَعَتْ لَهُ وَاقِعَةٌ فَأَفْتَى فِيهَا وَهُوَ غَائِبٌ جَمَاعَةٌ مِنْ فُقَهَائِهِمْ يَعْنِي فُقَهَاءَ الْمَالِكِيَّةِ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ بِمَا يَضُرُّهُ فَلَمَّا عَادَ سَأَلَهُمْ فَقَالُوا مَا عَلِمْنَا أَنَّهَا لَك وَأَفْتَوْهُ

اسم الکتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام المؤلف : ابن فرحون    الجزء : 1  صفحة : 72
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست