اسم الکتاب : الجنايات في الفقه الإسلامي دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون المؤلف : الشاذلي، حسن علي الجزء : 1 صفحة : 295
جناية السكران:
السُّكْر هو حالة تعرض لعقل الإنسان بسبب تناوله بعض الأسباب المؤثرة في تعطيل عقله واختلال تمييزه بين الأمور الحسنة والأمور القبيحة.
والطريق المفضي إلى السكر قد يكون مباحا: كسكر المضطر إلى شرب الخمر، والسكر من الأدوية -كالبنج نحوه- وقد يكون حراما: كسكر من شرب الخمر اختيارا عالما بحرمتها.
وحكم السكران بمباح حكم المغمَى عليه والنائم في أقواله وأفعاله، وحكم جناية هذين حكم الجناية خطأ، أو ما يعبر عنه الحنفية عند تقسيمهم للجنايات بأنه "ما جرى مجرى الخطأ".
وأما السكران بمحرم فإن السكر لا ينافي الأهلية، أما أهلية الوجوب فظاهر حكمها؛ لأنها ترتبط بوجود الإنسان وذمته، وهو موجود وله ذمة، فلا أثر للسكر عليها، وأما أهلية الأداء فلأن السكر لا ينافي أهلية الخطاب؛ لقوله تعالى: {أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} فهو خطاب لهم حال صحوهم بألا يقربوا الصلاة حالة السكر، فيلزم من ذلك كونهم مخاطبين بذلك حال السكر، فلا يكون السكر منافيا لتعلق الخطاب، ووجوب الانتهاء عما نهى عنه، وإذا كان السكر غير مناف لأهلية الخطاب لزمت السكران الأحكام الشرعية كلها من صلاة وصيام وغيرهما.
وبعد تقرير هذه القاعدة وجدنا أن الفقهاء يختلفون في الاعتداد بأقواله وبأفعاله الصادرة عنه أثناء سكره بمحرم، فأما أقواله فيكفي أن نشير إلى أن المالكية والشافعي في قول له وأبو الحسن الكرخي والطحاوي من
اسم الکتاب : الجنايات في الفقه الإسلامي دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون المؤلف : الشاذلي، حسن علي الجزء : 1 صفحة : 295