اسم الکتاب : الجنايات في الفقه الإسلامي دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون المؤلف : الشاذلي، حسن علي الجزء : 1 صفحة : 296
الحنفية، والزيدية، والمنقول عن عثمان -رضي الله عنه- يرون أن تصرفات السكران بمحرم غير صحيحة؛ لأن غفلته فوق غفلة النائم، فإن النائم يتنبه إذا نبه، والسكران لا يتنبه، فالأخير أولى بتطبيق الحكم عليه من الأول وهو النائم، وخالفهم في هذا المسلك الحنفية والشافعي في قول له والحنابلة، استنادا إلى أنه مخاطب.
وقد رجحت في كتابي "نظرية الحق" الرأي الأول، ولا أرى الإفاضة في أقوال السكران؛ لأن الذي نعنيه هنا هو أفعاله، وبخاصة جناياته.
جنايات السكران بمحرم: إذا جنى السكران جناية تستوجب القصاص أو حدا من الحدود، فيرى جمهور الفقهاء "الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة والزيدية، وهو قول الزهري وربيعة" أن موجب فعله يلزمه، فيقتص منه إذا قتل، ويلزمه الحد إذا فعل ما يوجبه؛ لأن مثله لا يستحق التخفيف، وقد روي أن معاوية أقاد من السكران. قال ابن أبي الزناد: وكان القاتل محمد بن النعمان الأنصاري، والمقتول عمارة بن زيد بن ثابت.
كما روي عن علي بن أبي طالب أن سكارى تضاربوا بالسكاكين، وهم أربعة فجرح اثنان ومات اثنان، فجعل على دية الاثنين المقتولين على قبائلهما وعلى قبائل اللذين لم يموتا، وقاص الحيين من ذلك بدية جراحهما. وأن الحسن بن علي رأى أن يقيد الحيين للميتين؛ ولم ير على ذلك، وقال: لعل الميتين قتل كل واحد منهما الآخر، وبهذا يتضح أن رأي علي في جناية السكران القصاص، وأنه إنما نفاه عن الحيين لعدم ثبوت قتلهما لهما، واحتمال أن يكون كل منهما قتل الآخر، فمبدأ القصاص منهما مقرر في هذه الجناية عن علي وعن الحسن رضي الله عنهما، ولأنه لو درأ الحد أو القصاص عن السكران لأدى هذا إلى أن كل من أراد جناية سكر ثم اقترفها، وبذلك تنتشر الجرائم، فضلا عن أن مثله لا يستحق التخفيف.
اسم الکتاب : الجنايات في الفقه الإسلامي دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون المؤلف : الشاذلي، حسن علي الجزء : 1 صفحة : 296