responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة    الجزء : 1  صفحة : 386
أو مختاراً فلا عقاب كقاعدة عامة، فالمجنون لا يقتص منه إذا قتل غيره، ولا يجلد إذا زنا وهو غير محصن، وكذلك الصغير الذي لم يميز، ولكن امتناع العقوبة العادية لعدم الإدراك أو الاختيار لا يمنع الجماعة من حماية نفسها بالوسائل التي تراها كافية أو ملائمة. فالصغير غير المميز إذا لم يكن الاقتصاص منه إذا قتل فإنه يمكن أن يوضع في ملجأ، أو يرسل به لإحدى الإصلاحيات، والمجنون إذا لم يكن عقابه فإن من الممكن حماية الجماعة من شره بوضعه في مستشفى، وهكذا إذا امتنع عقاب الجاني بالعقوبات العادية، وكان من الضروري اتقاء شره وحماية الجماعة منه، فإن للجماعة أن تتخذ من الوسائل ما تجمي به نفسها من شر الجاني ولو أنه غير مسئول ويمكن عقابه، كأن تضعه في ملجأ أو مستشفى أو مدرسة إلى أمد محدود أو غير محدود بحيث لا يخرج منه إلا إذا أمن شره أو صلح حاله. وهذه الوسائل على اختلاف أنواعها وأثارها تعتبرها الشريعة تعازير، فهي عقوبات ولكنها غير عادية أو هي عقوبات خاصة. والمقصود منها أساساً هي حماية الجماعة، على أنه قد يقصد منها أيضاً التأديب وإصلاح الجاني كما في حالة الصغار.
ويعلل الفقهاء اشتراط الإدراك والاختيار لاستحقاق العقاب العادي بأن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه خلق العباد وخلق الموت والحياة، وجعل ما على الأرض زينة لها ليبلو عباده ويختبرهم أيهم أحسن عملاً، وأنه هيأ لهم أسباب الابتلاء في أنفسهم وفي خارج أنفسهم، فأما في أنفسهم فقد خلق لهم العقول، والأسماع، والأبصار، والإرادات، والشهوات، والقوى، والطبائع، والحب، والبغض، والميل، والنفور، والأخلاق المتضادة المقتضية لآثارها اقتضاء السبب لمسببه، وأما في خارج أنفسهم فقد خلق لهم المنافع والمعاني التي تحرص النفوس عليها وتتنافس في الوصول إليها، كما خلق لهم من المعاني والأسباب ما تكرهه النفوس وتعمل على دفعه عنها، ولم يترك الله جل شأنه الناس ودواعي أنفسهم وطبائعهم، بل ركب في فطرهم وعقولهم معرفة الخير والشر والنافع والضار والألم واللذة ومعرفة أسبابها، ولم يكتف

اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة    الجزء : 1  صفحة : 386
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست