اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 385
وتعتبر العقوبة محققة لمصلحة الجماعة كلما بعدت عن الإفراط والتفريط، وهي تعتبر كذلك كلما توفرت فيها العناصر الآتية:
1 - أن تكون العقوبة بحيث تكفي لتأديب الجاني وكفه عن معاودة الجريمة، وأن تكون بحيث يستطيع القاضي أن يختار نوع العقوبة الملائمة لشخصية الجاني وأن يقدر كمية العقوبة التي يراها كافية لتأديبه وكف أذاه، وهذا يقتضي تنوع العقوبات وتعددها للجريمة الواحدة، وجعل العقوبات ذات حدين؛ ليستطيع القاضي أن يختار العقوبة الملائمة ويقدر كميتها من بين حدي العقوبة الأدنى والأعلى [1] .
2 - أن تكون العقوبة كافية لزجر الغير عن ارتكاب الجريمة بحيث إذا فكر في الجريمة وعقوبتها وجد أن ما يعود عليه من ضرر العقوبة قد يزيد على ما يعود عليه من نفع الجريمة. وهذا يقتضي أن تكون أنواع العقوبات وحدودها العليا بحيث تنفر من الجريمة.
3 - أن يكون هناك تناسب بين الجريمة والعقوبة، بحيث تكون العقوبة على قدر الجريمة، فلا يصح أن يكون عقاب قطع الطريق كعقاب السرقة العادية، ولا يصح أن تكون عقوبة القتل العمد متساوية مع عقوبة القتل الخطأ. ولقد عاقبت الشريعة مثلاً على السرقة بقطع اليد، ولكنها لم تعاقب على القذف بقطع اللسان، ولا تعاقب على إتلاف الزنا بالخصاء، وعاقبت على القتل العمد بالقصاص ولكنها لم تعاقب على إتلاف الأول بالقصاص.
4 - أن تكون العقوبة عامة بحيث تطبق العقوبة المقررة للجريمة على من ارتكبها، فلا يعفى منها أحد لمركزه أو شخصه أو غير ذلك من الاعتبارات.
والعقوبة التي تتوفر فيها العناصر السابقة هي العقوبة العادية، ولا يصح أن تقع إلا على من ارتكب الجريمة وهو مدرك مختار، فإذا لم يكن الجاني مدركاً [1] تسير الشريعة على هذه القاعدة في كل الجرائم إلا جرائم الحدود والقصاص، وقد بينا علة ذلك في الفقرات من 440 إلى 442.
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 385