responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة    الجزء : 1  صفحة : 384
هذه الأفعال إنما تفرض لحماية مصالح الجماعة ونظامها [1] والأفعال التي تحرم لا تحرم لذاتها؛ لأن من هذه الأفعال ما قد يستفيد منه الفاعل ويعود عليه بالنفع كالسرقة وخيانة الأمانة والرشوة، فإنها تعود على الجاني بالكسب، وكالزنا فإنه يعود على الزاني باللذة وإطفاء الشهوة، وكالقتل للانتقام فإنه يعود على القاتل بشفاء نفسه من الحقد والشعور بالذلة والعار.
فهناك فوائد محققة تعود على الجاني من ارتكاب الجريمة، ولكن هذه الفوائد التي قد يصيبها الجاني من جريمته تؤدي إلى إفساد الجماعة والإضرار بها وانحلال نظامها، ولتلافي هذه النتائج حرمت هذه الأفعال؛ حماية للجماعة من الفساد وحفظاً لنظامها من التفكك والانحلال.
والأفعال المحرمة بعضها يعتبر بطبيعته جريمة؛ لأنه يتنافى مع الأخلاق الفاضلة كالسرقة والزنا، وبعضها لا يعتبر بطبيعته جريمة ولم يحرمه الشارع؛ لأنه يمس الشرف أو يؤذي الأخلاق، وإنما حرمه لأن في إباحته إضراراً بالجماعة؛ كتحريم حمل السلاح، وتحريم الانتقال من محل موبوء بمرض معد إلى محل غير موبوء، وتحريم الامتناع عن تلقي العلم، فمثل هذه الأفعال تحرم لحفظ مصالح الجماعة ودفع الضرر عنها.
وإذا كانت الأفعال تحرم لمصلحة الجماعة، فإن العقوبة تفرض باعتبارها وسيلة لحماية الجماعة مما يضر بصوالحها ونظامها، ولما كانت العقوبة هي أمثل الوسائل لحماية الجماعة من الجريمة والإجرام، فإن العقوبة بهذا تصبح ضرورة اجتماعية لا مفر منها، ومثل العقوبة في هذا كل وسيلة أخرى تقوم مقام العقوبة في حماية الجماعة من الإجرام والمجرمين.
وإذا كانت العقوبة ضرورة اجتماعية، فإن كل ضرورة تقدر بقدرها، فلا يصح أن تكون العقوبة أكثر مما ينبغي لحماية الجماعة ودفع ضرر الإجرام عنها، كما لا يصح أن تكون أقل مما يجب لحماية الجماعة من الإجرام.

[1] راجع الفقرة 43.
اسم الکتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي المؤلف : عبد القادر عودة    الجزء : 1  صفحة : 384
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست