استخدام الكافر للمسلم.
وإذا كنا قد منعنا بيع القرآن لغير المسلم لما ذكرنا، فهل يصح للكافر أن يستخدم مسلمًا؟، وأحب في هذا المقام أن أبين أن كلام الفقهاء في هذه المسألة انصب على شراء الكافر للمسلم، فهو قد منعوا لما في امتلاكه له من الإذلال، والله سبحانه وتعالى يقول: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} . فهذا لا يصح، ولا يجب أن يكون، اللهم إلا إذا كان الكافر أبا أو ابنا، فيصح له أن يشتري المسلم ليعتقه، فإذا اشتراه ليعتقه، فلا ضير على المسلم في ذلك لانتقاء الإذلال حينئذ، وإن كان هناك رأي آخر يمنع من شرائه له في هذه الحالة؛ لأنه في رأية لا يخلو من الإذلال[1].
والمرتد له حكم المسلم فيما تقدم لبقاء علقة الإسلام فيه، وعلقمة الإسلام تظهر في وجوب مطالبته بالإسلام حال ردته، فإذا طولب وأسلم، فلا يبقى تحت يد الكافر[2].
ولنا الآن أن نتسأل هل هذا الحكم يسري على استخدام الكافر للمسلم؟ وللإجابة عن هذا السؤال نقول: إنه ينبغي أن نفرق بين أمرين:
الأول: إذا كان الغرض خدمة المسلم للكافر في شئونه الخاصة في المنزل، أو في خارج المنزل، فلا شك أن الإذلال قد تحقق، فالمسلم خادم والكافر مخدوم أي عبد، والكافر سيد له الأمر والنهي، وفي ذلك ما فيه من ضعف العزة والسيادة في الأرض {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} . [1] راجع المنهاج "ج2 ص156". [2] راجع حاشية البجيرمي "ج2 ص17". والبرماوي على الغاية لابن قاسم.