responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : النقد والبيان في دفع أوهام خزيران المؤلف : القصاب، محمد كامل    الجزء : 1  صفحة : 56
أحدها: أنَّها جاءت مطلقة عامَّة على كثرتها، لم يَقَعْ فيها استثناء ألبتَّة، ولم يأت فيها ما يقتضي أنَّ منها ما هو هدىً، ولا جاء فيها: كل بدعة ضلالة؛ إلا كذا وكذا ... ، ولا شيء من هذه المعاني.
فلو كان هنالك محدَثَة يقتضي النَّظر الشَّرعيُّ فيها الاستحسان، أو أنَّها لاحقةٌ بالمشروعات؛ لذكر ذلك في آيةٍ أو حديثٍ، لكنّه لا يوجد، فدلَّ على أنَّ تلك الأدلَّة بأسرها على حقيقة ظاهرها مِن الكلية التي لا يتخلف عن مقتضاها فردٌ من الأفراد.
والثاني: أنَّه قد ثبت في الأصول العلميَّة، أنَّ كُلَّ قاعدة كلية أو دليل شرعي كلِّي، إذا تكرَّرت في مواضع كثيرة، وأُتي بها شواهد على معان أصولية أو فروعية، ولم يقترن بها تقييد ولا تخصيص مع تكررها وإعادة تقررها [1] ، فذلك دليل على بقائها على مقتضى لفظها من العموم؛ كقوله -تعالى-: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [فاطر: 18] ، {وَأَن لَّيْسَ لِلإنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى} [النجم: 39] ، وما أشبه ذلك، (وبسط الاستدلال على ذلك هنالك) .
فما نحن بصدده من هذا القبيل إذا جاء في الأحاديث المتعدِّدة والمتكررة في أوقات شتَّى، وبحسب الأحوال المختلفة، أنَّ كُلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وأنَّ كلَّ محدثةٍ بدعة ... وما كان نحو ذلك من العبارات الدالَّة على أنَّ البدعَ مذمومة، ولم يأت في آية ولا حديث تقييدٌ ولا تخصيص، ولا ما يُفهَم منه خلاف ظاهر الكليَّة فيها، فدلَّ ذلك دلالةً واضحة على أنها على عمومها وإطلاقها.
الثالث: إجماع السّلف الصَّالح مِن الصَّحابة والتَّابعين، ومَن يليهم على ذمِّها كذلك، وتقبيحها، والهروبِ عنها، وعمَّن اتَّسم بشيء منها، ولم يقع منهم في ذلك توقُّف ولا مثنوية، فهو بحسب الاستقراء إجماعٌ ثابت، فدلَّ على أنَّ كلَّ بدعة ليست بِحَقٍّ، بل هي من الباطل.

[1] الصواب: «تقريرها» ، كما في «الاعتصام» .
اسم الکتاب : النقد والبيان في دفع أوهام خزيران المؤلف : القصاب، محمد كامل    الجزء : 1  صفحة : 56
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست