إن القلم، أي التكليف، قد رفع عن ثلاثة: عن المجنون حتى يُفيق، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن النائم حتى يستيقظ، كما جاء في الحديث الذي رواه أبو داود (4403) والترمذي وأحمد من طريق علي رضي الله عنه بلفظ {عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رُفع القلم عن ثلاثةٍ: عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يَعقِل} وذكره البخاري في باب الطلاق موقوفاً. ورواه ابن ماجة والدارمي والنَّسائي من طريق عائشة رضي الله عنها. ومن ضمن التكليف الصيام، فالصيام مرفوع عن النائم حتى يستيقظ وهو مرفوع عن الصبي حتى يبلغ مبلغ الرجال والصبيَّة مبلغ النساء، كما هو مرفوع عن المجنون حتى يعقل أو يُفيق. فلا صيام على نائم، ولا صيام على صبي، ولا صيام على مجنون، ما دام هؤلاء الثلاثة على حالهم لم يخرجوا منه، فإذا خرجوا منه صاروا مكلَّفين. وعليه فإن المجنون، إذا مضى عليه يوم كامل أو أكثر من يوم دون أن يعود إليه عقله فلا تكليف عليه ولا صوم عليه في الحال وبالتالي فلا قضاء عليه لذلك اليوم، ولا للأيام التي أمضاها مجنوناً. وقل مثل ذلك بخصوص المغمَى عليه إذا مضى عليه يوم كامل وهو في إغماء متواصل، أي مضى عليه ليلٌ ونهارٌ دون إِفاقة، فإنه لا صوم عليه في الحال وبالتالي فلا قضاء عليه، لأن المجنون والمغمى عليه غير مكلَّفَين وعلى من كلَّفهما بالصوم وقضاء الصوم أن يأتينا بدليل من الشرع.
…وإنَّ صيام رمضان عبادةٌ تتكرر كل نهار، والصيام هو الامتناع عن المفَطِّرات وعليه فإنه ليس صحيحاً أن صيام شهر رمضان كله عبادة واحدة تلزمها نية واحدة، وإنما الصحيح هو أن صيام كل يوم من أيام رمضان عبادة مستقلة عما قبلها، وعما بعدها وهذه العبادة تحتاج إلى نية، وهذه النية يجب عقدها كلَّ ليلة قبل حلول الفجر.