…ثم إن العبادات توقيفية تحتاج كل واحدة منها إلى نص من قرآن أو حديث أو إجماع صحابة، ولا تصح أية عبادة بالقياس، لأن العبادات لا تعلَّل إلا أن توجد العلة في النص فتؤخذ وهي نادرة جداً في العبادات فإنْ جاء نصٌّ بعبادة قلنا بها وإلا رفضناها مهما كان عدد القائلين بها أو نوعيتهم.
…وبناء على ما سبق أقول: إن المجنون والمغمى عليه لا تكليف عليهما ولا صوم عليهما، وبالتالي فإنه لا يتوجَّب عليهما قضاءُ ما فاتهما من صيام، سواء فاتهما صيام يوم أو عدة أيام أو شهر رمضان بكامله، وهذا واضح. وأما إن نوى شخص في الليل الصيام، ثم بعد النية أصابه جنون أو إغماء في جزء من النهار ثم أفاق احتُسِب له صيامُ يوم، وأيضاً لا قضاء عليه، فهو كالنائم سواء بسواء. فالنائم إن نوى الصيام من الليل ثم نام جزءاً من النهار، سواء كان الجزء طويلاً أو قصيراً، أولَ النهار، أو وسَطَه، أو آخِرَه احتُسب له صيام ذلك اليوم، ولا يضيره أن يفقد الاستشعار بالصوم، لأن زوال الاستشعار لا يمنع صحة الصوم كما يقول أبو حنيفة.