ثانياً: إن المشكلة في العالم الإسلامي اليوم هي أن كل دولة من دول المسلمين تعتبر نفسها كلاً وليس جزءاً من الأُمة الإسلامية، وإن نصت بعض الدساتير فيها على غير ذلك، فصارت كل دولة تتخذ قراراتها السياسية وحتى الدينية دون مراعاةٍ لسائر المسلمين، لأنها تعتبر نفسها كياناً مستقلاً عن سائر المسلمين لا حق للمسلمين خارج كيانها بالتدخل فيه، ومن ذلك إعلان الصيام وإعلان الإفطار، فترى كلَّ دولة تعلن الصيام وتعلن الإفطار، وكأنه لا يوجد مسلمون في غيرها، وهذا هو السبب في بقاء الاختلاف بين الدول في العالم الإسلامي بخصوص بدء الصوم وبدء الإفطار ولو أن هذه الدول تعتبر نفسها أجزاءً من كلٍّ لربما توحَّدت المواقف في كثير من المسائل والقضايا.
ثالثاً: فإذا أضيف إلى ما سبق أن دولاً في شمالي إفريقيا تأخذ بالحساب الفلكي وأن هذا الحساب قد يتطابق مع الرؤية وقد لا يتطابق، أدركنا السبب في بقاء اختلاف المسلمين في ديارهم حول بدء الصيام وبدء الإفطار، وهذه الدول في شمالي إفريقيا مستمرة في الأخذ بالحساب الفلكي لا تلتفت إلى آراء العلماء الذين يعارضون العمل بهذا الحساب.
رابعاً: وبناء عليه أقول: إن المسلم في أي مكان من بلاد المسلمين – وهي مشتركة كلها في الليلة الواحدة – يجب أن يصوم إن هو سمع إعلان أية دولة من دول المسلمين عن بدء الصوم، ويجب أن يفطر إن هو سمع إعلان أية دولة من دول المسلمين عن بدء الإفطار، باستثناء الدول التي تأخذ بالحساب الفلكي، فلا يصح له أن يَلْتَزِم بما تعلنه هذه الدول من حيث الصوم والإفطار.