ورب قائل يقول: إن كونه - صلى الله عليه وسلم - أخذ لرأسه ماء جديداً كما وقع في هذه الروايات ينافي ما جاء في حديث ابن عقيل من أنه - صلى الله عليه وسلم - مسح رأسه بما بقي من وضوئه في يده، فنجيبه بأن التنصيص على فعلٍ بصيغة يدل على مجرد الوقوع، ولا يستلزم عدم وقوع غيره لأنه لا يفيد حصراً للمنصوص عليه ولا نفياً عمّا سواه. والخلاصة أنه يجوز في مسح الرأس أن يكون بماءٍ جديد وأن يكون بفضل ماء، ولا ينافي هذا الخيار قول الحديث في البند الثالث «خذوا للرأس ماءً جديداً» لسببين: أحدهما أن هذا الأمر لا توجد فيه قرينة دالة على الوجوب، وثانيهما أن الحديث فيه ضعف كما جاء في بحث [الماء المستعمل] فلا يصلح لصرف حكم الاختيار إلى إيجاب أحدهما.
1- عن ابن عباس رضي الله عنه أنه «رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ، فذكر الحديث كله ثلاثاً ثلاثاً، قال: ومسح برأسه وأذنيه مسحة واحدة» رواه أبو داود وأحمد.
2- عن ابن عباس رضي الله عنه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح أُذنيه داخلَهما بالسَّبابتين وخالف إبهاميه إلى ظاهر أُذنيه فمسح ظاهرهما وباطنهما» رواه ابن ماجة والنَّسائي وابن حِبَّان والحاكم وابن خُزيمة.
3- عن الصُّنابِحِيِّ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «إذا توضأ العبد المؤمن فتمضمض خرجت الخطايا من فيه ... فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أُذنيه ... » رواه مالك. ورواه النَّسائي ورجاله رجال الصحيح.
4- عن ابن عباس رضي الله عنه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح برأسه وأُذنيه ظاهرَهما وباطنَهما» رواه الترمذي وقال (حسن صحيح) .