الله - صلى الله عليه وسلم - « ... مسح رأسه بما بقي من وضوئه في يديه مرتين، بدأ بمُؤَخَّرِه ثم رد يده إلى ناصيته ... » رواه أحمد. ورواه أبو داود بلفظ «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح برأسه من فضل ماءٍ كان في يده» قال الترمذيُّ (عبد الله بن محمد بن عقيل صدوق، ولكن تكلم فيه بعضهم من قِبَل حفظه) وقال فيه البخاري (كان أحمد وإسحق والحميدي يحتجون بحديثه) وبذلك صلح هذا الحديث للاحتجاج.
الحديث الأول فيه أن الرسول عليه الصلاة والسلام أخذ ماء لمسح رأسه منطوقاً، لأن قوله «خلاف الماء الذي أخذ لرأسه» إثبات أن الرأس أُخذ له ماء، والثاني يفيد الشيء نفسه والحديثان الرابع والخامس أفادا أن الرأس يُؤخذ له ماءٌ جديد.
وهذه الأحاديث كلها أفادت أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد فعل ذلك فعلاً، وهي أحاديث تصلح كلها للاحتجاج، وجاء الحديث السادس الذي فيه «مسح رأسه بما بقي من وضوئه في يديه» حسبما جاء في رواية أحمد، و «مسح برأسه من فضل ماءٍ كان في يده» حسبما جاء في رواية أبي داود. وهذان اللفظان لهذا الحديث يفيدان أن مسح الرأس يصح من فضل الماء، وهما أيضاً فعلٌ من أفعاله - صلى الله عليه وسلم -، وبذلك تكون عندنا نصوص تفيد مسح الرأس بماء جديد، وأخرى تفيد مسح الرأس بفضل الماء، وذلك دالٌّ على أن المسلم بالخيار بين أن يمسح رأسه في الوضوء بماء جديد وبين أن يمسحه بماء يفضل في يديه عقب غسلهما، فكلا الفعلين جائز.