وبهذا يتبين وجه الحق فيما ذهبنا إليه من قبل من أن المسح المشروع هو مرة واحدة، وأن الزيادة على المرة مخالفة للسنة النبوية، وتدخل تحت النهي. والمشروع في الرأس المسح دون الغُسل خلافاً لسائر الأعضاء، فلو غسل أحدهم رأسه بدل المسْح لما أجزأه ولبطل وضوؤه خلافاً لمن أجاز ذلك، لأن العبادة هذه لا يصح تعليلها بالنظافة، وأنَّ الغُسلَ أنظف من المسح، فهذا وإنْ كان صحيحاً في التنظيف إلا أن الله سبحانه أراد المسح فوجب الوقوف عند النص وعدم الاجتهاد فيه، لأن الاجتهاد هذا يعطِّل النص ويلغيه، وهو حرام لا يجوز.
أما هل يُمسح الرأس بماء جديد أم بما يفضل مِن ماء في اليدين؟ فللجواب على ذلك نستعرض الأحاديث المتعلقة به:
1- عن واسع الأنصاري أنه سمع عبد الله بن زيد يذكر أنه «رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ، فأخذ لأُذنيه ماء خلاف الماء الذي أخذ لرأسه» رواه البيهقي وصححه.
2- عن عبد الله بن زيد ـ في صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ـ «ومسح برأسه بماءٍ غير فضل يده ... » رواه مسلم والترمذي والدارمي وأحمد وأبو داود.
3- عن نمران بن جارية عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «خذوا للرأس ماءً جديداً» رواه الطبراني في المعجم الكبير.
4- عن عبد الله بن زيد ـ في صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ـ «ثم أدخل يده فاستخرجها فمسح برأسه فأقبل بيديه وأدبر» رواه مسلم.
5- عن عبد الله بن زيد ـ في صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ـ «ثم أخذ بيده ماءً فمسح رأسه فأدبر به وأقبل» رواه البخاري.
6- عن عبد الله بن محمد بن عقيل: حدثتني الرُبيِّع بنت مُعوِّذ بن عفراء أن رسول