أما حديث عثمان رضي الله عنه الذي رواه الدارقطني فلا يصلح للاحتجاج، لأن راويه محمد بن إسحق، وقد عنعن، وإذا عنعن ابن إسحق ضُعِّف حديثُه، فالإسناد ضعيف. ثم إنَّ متن الحديث قد شذ عن الأحاديث الصحيحة المعتبرة، فهذا الحديث يذكر غسل اللحية عقب مسح الرأس ومسح الأذنين، في حين أن الأحاديث الصحيحة تذكر غسل اللحية مع غسل الوجه، فالحديث ضعيف الإسناد، شاذ المتن لا يصلح للاحتجاج.
أما حديث جابر الذي رواه الدارقطني فهو أيضاً ضعيف، لأن مداره على القاسم بن محمد بن عبد الله. قال أبو حاتم: متروك. وقال أبو زُرْعة: أحاديثه منكرة. وقال أحمد: ليس بشيء. وضعفه ابن معين والمنذري وابن الجَوْزي وابن الصَّلاح والنووي، ولم يوثِّقه غير ابن حِبَّان، ولا يُلتفت لتوثيقه مع تضعيف الأئمة له تضعيفاً شديداً بحيث وصفوه بأنه متروك ومنكر. وبذلك يسقط قول إسحق بن راهُويه: فبيَّنت السنة أنها بمعنى [مع] . قال الزمخشري وأصاب (لفظ [إلى] يفيد معنى الغاية مطلقاً، فأما دخولها في الحكم وخروجها فأمرٌ يدور مع الدليل) إلى أن قال (وقوله تعالى إلى المرافق لا دليل فيه على أحد الأمرين، فأخذ العلماء بالأحوط، ووقف زُفَر مع المتيقَّن) . والخلاصة هي أنَّ قول الجمهور بأن غسل المرفق كله واجب استناداً إلى الأحاديث غير صحيح.