3- وإذا كانت اللحية طويلة تزيد على الذقن فالواجب منها في الغسل ما حاذى الوجه دون ما زاد وناف، وهذا رأي أبي حنيفة والشافعي وأحمد، وهو الصحيح، لأن ما زاد عن الوجه من شعر اللحية خرج من الوجه، وحيث أن اللحية تُغسل لأنها تقوم مقام الجزء المستور بها من الوجه، وحيث أن ما زاد منها عن الوجه لا يستر شيئاً منه، فإن غسله يصبح غير واجب وغير مطلوب وليس في النصوص غسل اللحية لذاتها.
4- ولا خلاف في وجوب غسل اللحية إن كانت قصيرة لا تزيد عن الوجه.
8- غسل اليدين إلى المرفقين: هذا ثالث فرضٍ من فروض الوضوء. وأدلته كثيرة كثرةَ الأحاديث التي ذكرت صفة الوضوء، وقد مرَّ العديد منها، إضافةً إلى أن آية الوضوء ذكرته {وأَيْدِيَكُمْ إلى المَرَافِقِ} والمرفق فيه وجهان: كسر الميم وفتح الفاء وفتح الميم وكسر الفاء. وقد اختلف العلماء في حكم غسل المرفقين، فذهب زُفَر وابن جرير الطبري وداود إلى أن غسل المرفقين غير واجب عند غسل اليدين. وذهب جمهور العلماء إلى وجوب غسل المرفقين. قال زُفَر: إنما أوجب الله بقوله {وأَيْدِيَكُمْ إلى المَرَافِقِ} غسل اليدين إلى المرفقين، فالمرفقان غايةٌ لما أوجب الله غسله من آخر اليد، والغاية غير داخلة في الحد، كما الليل غير داخل فيما أوجب الله تعالى على عباده من الصوم بقوله {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إلى الليلِ} لأن الليل غايةٌ لصوم الصائم إذا بلغه فقد قضى ما عليه، فكذلك المرافق في قوله {فاغْسِلُوا وجوهَكُمْ وأَيْدِيَكُمْ إلى المَرَافِقِ} غاية لما أوجب الله غسله من اليد. انتهى قوله.
وقال الطبري (فأما المرفقان وما وراءهما فإن غسل ذلك من الندب الذي ندب إليه - صلى الله عليه وسلم - أمته بقوله أمتي الغُرُّ المُحجَّلون من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يُطيل غُرَّتَه فلْيفعل، فلا تفسد صلاة تارك غسلهما وغسل ما وراءهما لما قد بينا فيما مضى من أن كل غاية حُدَّتْ