بـ[إلى] فقد تحتمل من كلام العرب دخول الغاية في الحد وخروجها منه، وإذا احتمل الكلام ذلك لم يجز لأحد القضاء بأنها داخلة فيه إلا لمن لا يجوِّز خلافه فيما بيَّن وحكم، ولا حكم بأن المرافق داخلة فيما يجب غسله عندنا ممن يجب التسليم بحكمه) . فزُفَر والطبري قالا بعدم وجوب غسل المرفقين، وشاركهما داود الرأيَ، والحجة في ذلك عند زُفَر غيرها عند الطبري، فزُفَر أخذ حرف [إلى] على أن ما بعده غير داخل فيما قبله، بمعنى عدم دخول الغاية في المُغَيَّى، أي أن الآية الكريمة التي تقول {وأَيْدِيَكُمْ إلى المَرَافِقِ} أخرجت المرافق من الطلب، لأن المرافق غاية وهي خارجة عن الطلب، فيكون معنى الآية عنده اغسلوا أيديكم حتى تَصِلوا أوائلَ المرافق، وشبه ذلك بآية {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إلى الليلِ} ، فالليل غاية وهي خارجة عن طلب الصوم كما هو معلوم.
أما الطبري فقد جعل لحرف [إلى] معنيين أحدهما أن إلى بمعنى مع، كالآية التي تقول {ولا تأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إلى أَمْوَالِكُمْ} أي مع أموالكم، وكالآية القائلة {مَنْ أَنْصَارِي إلى الله} أي مع الله. والثاني أن [إلى] يخرج ما بعدها عما قبلها، وهذا الأخير هو رأي زُفَر السابق. وبعد أن ذكر الطبري أن [إلى] تفيد المعنيين لغةً قال إن الكلام صار محتملاً، وما دام ذلك كذلك فإنه لا يجوز لأحد أن يقضي بأحد المعنيين دون الآخر إلا الشرع نفسه، ولا شرع في التعيين، فيسقط عنده القول بالوجوب، ويبقى الندب الوارد بحديث الغُرِّ المُحجَّلين.