أ - إن قولهم إن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يفرق في الماء بين قليلِه وكثيرِه يُبطل رأيهم بأن حدود الماء الكثير هي عشرة أذرع في عشرة، أو هي ما إذا حُرِّك أحدُ طرفيه لم يتحرك الآخر إذ ما دام الرسول عليه الصلاة والسلام لم يحدِّد كثير الماء باعترافهم فكيف جاز لهم هم تحديده؟.
ب - إنهم هم أنفسهم اختلفوا في تحديد الماء الكثير، فإذا كانوا هم اختلفوا في هذا التحديد فكيف يمكن إقناع الآخرين به أو تقليدهم فيه؟.
ج - إن حديث القُلَّتين نصٌ في تحديد قليل الماء الذي ينجس بمخالطة النجاسة، وكثيره الذي لا ينجس، وما دام الحديث صحيحاً فقد بطل القياس والرأي.
د - حديث بئر بُضاعة صحيح هو الآخَر وهو نصٌّ أيضاً، وبئر بُضاعة لا تبلغ الحد الذي ذكروه قال أبو داود (وسمعت قتيبة بن سعيد قال: سألت قيِّم بئر بُضاعة عن عمقها، قال: أكثر ما يكون فيها الماء إلى العانة، قلت: فإذا نقص؟ قال: دون العورة، قال أبو داود: وقدَّرت أنا بئر بُضاعة بردائي، مددته عليها ثم ذرَعْتُه، فإذا عرضها ستة أذرع وسألت الذي فتح لي باب البستان فأدخلني إليه: هل غُيِّر بناؤُها عما كانت عليه؟ قال: لا، ورأيت فيها ماءً متغيِّر اللون) فبئر بُضاعة كانت النجاسات تُلقى فيها، فيتغيَّر لون مائها قليلاً، ومع ذلك تبقى طاهرة الماء كما أفاد الحديث الشريف مع أن هذه البئر دون الحد الذي ذكروه، فهذا الحديث أيضاً ينقض رأيهم في التحديد.
هـ - هذا التحديد للماء الكثير وللماء القليل طريقه التوقيف، فلا يُصار إليه إلا بنصٍّ أو إجماع صحابة، وليس معهم نص ولا إجماع صحابة، فمِن ذلك كله يتضح خطأ هذا الرأي. وإذن فقد ثبت القول السابق وهو أن الماء النجس الذي يُصنَّف في باب أقسام المياه هو فقط ما كان دون القُلَّتين وأصيب بنجاسة، وما سوى ذلك يظل طَهوراً على أصل حكمه.