أما القائلون بالتفريق بين المسجد الصغير والكبير:
فرأوا أن مدار ذلك على سماع تأمين الإمام. فإن كان المسجد صغيراً يبلغهم تأمين الإمام ويسمعونه، فلا حاجة إلى الجهر به، بل يؤمّنون سراً. وإن كان لا يبلغهم تأمينه لكبر المسجد، فكانت الحاجة إلى الجهر به، ليبلّغوا تأمينه، فيؤمّن بقية المأمومين [1].
* الرأي المختار:
هو القول بأن المأموم يجهر بالتأمين، إذا جهر الإمام بالقراءة. سواء جهر الإمام به أم لم يجهر، وسواء كان المسجد صغيراً أم كبيراً. وذلك لما يلي:
1. الأحاديث الصحيحة جاءت صريحة في أن المأموم يقول: آمين. وهذا القول يقتضي أن يجهر به، كما يجهر الإمام بقول: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} في الصلاة لجهرية.
2. مضى في المطلب السابق ترجيح أن الإمام يجهر بالتأمين للنصوص الصحيحة الصريحة. وهذه النصوص قد سوّت بين الإمام والمأموم، كما في حديث “ إذا أمّن الإمام، فأمنوا “.
3. الثابت عن جمع كبير من الصحابة رضي الله عنهم هو الجهر بالتأمين.
4. إن ما استدل به المخالفون: إما أدلة غير صحيحة، كحديث وائل بن حجر من رواية شعبة “ وخفض بها صوته “ وإما غير صريحة، فلا يعارض بها الأحاديث الصحيحة الصريحة.
5. خفاء هذه السنة على البعض، وعدم العلم بها، لا يكون مسوغاً في ردّها، لأن من علم حجة على من لم يعلم. والله أعلم. [1] انظر: المهذب 1/73.