اسم الکتاب : خلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام المؤلف : فيصل المبارك الجزء : 1 صفحة : 323
الحديث الرابع
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: "أن جارية وُجِد رأسُها مرضوضًا بين حجرين، فقيل: مَن فعل هذا بك فلان فلان؟ حتى ذُكِر يهودي، فأَوْمَأَت برأسها، فأُخِذ اليهودي فاعترف؛ فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُرَضَّ رأسه بين حجرين".
ولمسلم والنسائي عن أنس: "أن يهوديًّا قتل جارية على أوضاح، فأقاده رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم".
(الأوضاح) بالمهملة: حليُّ الفضة، قال المهلب: فيه أنه ينبغي للحاكم أن يستدلَّ على أهل الجنايات، ثم يتلطَّف بهم حتى يقرُّوا ليُؤَاخَذوا بإقرارهم، وهذا بخلاف ما إذا جاؤوا تائبين فإنه يعرض عمَّن لم يصرح بالجناية، فإنه يجب إقامة الحدِّ عليه إذا أقرَّ، وفيه أنه تجب المطالبة بالدم بمجرَّد الشكوى وبالإشارة.
وقال المازري: فيه الردُّ على مَن أنكر القصاص بغير السيف، وقتل الرجل بالمرأة، انتهى.
والحديث يدلُّ على أن القاتل يُقتَل بما قتَل به، ولقوله - تعالى -: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126] ، وقوله - تعالى -: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] ، وهذا قول الجمهور، وأمَّا حديث ((لا قَوَد إلا بالسيف)) ، فقال الحافظ: هو ضعيف، وقال ابن عدي: طرقه كلها ضعيفة، قال ابن المنذر: قال الأكثر: إذا قتله بشيء يقتل مثله غالبًا فهو عمد، وقال ابن العربي: يُستَثنى من المماثلة ما كان فيه معصية؛ كالخمر واللواط والتحريق، وفي الثالثة خلاف عند الشافعية والأوَّلان بالاتفاق، لكن قال بعضهم: يُقتَل بما يقوم مقام ذلك، قال الحافظ: وفي قصَّة اليهودي حجَّة للجمهور في أنَّه لا يُشتَرط في الإقرار بالقتل أن يتكرَّر، انتهى.
اسم الکتاب : خلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام المؤلف : فيصل المبارك الجزء : 1 صفحة : 323