اسم الکتاب : خلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام المؤلف : فيصل المبارك الجزء : 1 صفحة : 322
وإنما أصبح قتيلاً على أبوابهم؟ قال: فتحلف خمسين قسامة؟ فقال: يا رسول الله، فيكف أحلف على ما لم أعلم؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((فاستحلف منهم خمسين قسامة)) ، فقال: يا رسول الله، كيف نستحلفهم وهم يهود؟ فقسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ديَتَه عليهم، وأعانهم بنصفها.
قال الشافعي: لا يجب الحق حتى يحلف الورثة خمسين يمينًا سواء قلُّوا أم كثروا، فلو كانوا بعدد الأيمان حلف كل واحد منهم يمينًا، وإن كانوا أقلَّ أو نكل بعضهم رُدَّت الأيمان على الباقين، فإن لم يكن إلا واحدًا حلف خمسين يمينًا واستحقَّ.
وقال مالك: إن كان ولي الدم واحدًا ضمَّ إليه آخر من العصبة، ولا يُستَعان بغيرهم، قال في "الفروع": ولا قسامة على أكثر من واحد، نصَّ عليه، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((فتستحقون دم صاحبكم)) وعنه: بلى في غير هذه دم وتجب الدية، انتهى.
وعن الشعبي: "أن قتيلاً وُجِد بين وادعة وشاكر فأمرهم عمر بن الخطاب أن يقيسوا ما بينهما، فوجدوه إلى وادعة أقرب، فأحلفهم عمر خمسين يمينًا كل رجل: ما قتلته ولا علمت قاتله، ثم أغرمهم الديَة، فقالوا: يا أمير المؤمنين، لا أيماننا دفعت عن أموالنا، ولا أموالنا دفعت عن أيماننا، فقال عمر: كذلك الحق"؛ أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة والبيهقي.
قال الحافظ: وفي الحديث أن الحلف في القسامة لا يكون إلا مع الجزم بالقاتل، والطريق إلى ذلك المشاهدة أو إخبار مَن يُوثَق به مع القرينة الدالَّة على ذلك، وفيه الاكتفاء بالمكاتبة وبخبر الواحد مع إمكان المشافهة، انتهى.
قال في "الاختيارات": نقل الميموني عن الإمام أحمد أنه قال: اذهب إلى القسامة إذا كان ثَمَّ لطخ، وإذا كان ثَمَّ سبب بيِّن، وإذا كان ثَمَّ عداوة، وإذا كان مثل المدَّعَى عليه بفعل هذا، وهذا هو الصواب، فإذا كان ثم لوث يغلب على الظن أنه قتل مَن اتهم بقتله جاز لأولياء القتيل أن يحلفوا خمسين يمينًا ويستحقُّوا دمه، وأمَّا ضربه ليقرَّ فلا يجوز إلا مع القرائن التي تدلُّ على أنه قتله، فإن بعض العلماء جوَّز تقريره بالضرب في مثل هذه الحال، وبعضهم منع من ذلك مطلقًا، انتهى، والله أعلم.
* * *
اسم الکتاب : خلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام المؤلف : فيصل المبارك الجزء : 1 صفحة : 322