اسم الکتاب : خلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام المؤلف : فيصل المبارك الجزء : 1 صفحة : 321
وفي حديث حماد بن زيد: "فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمَّته)) ، قالوا: أمر نشهده كيف نحلف؟ قال: ((فتبرئكم يهود بأيمان خمسين منهم؟)) ، قالوا: يا رسول الله، قوم كفار".
وفي حديث سعد بن عبيد: "فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبطل دمه فوَدَاه بمائةٍ من إبل الصدقة".
هذا الحديث أصلٌ في مشروعية القسامة؛ وهي: الأيمان المكرَّرة في دعوى القتل عند وجود اللوث، وهو ما يغلب على الظن صحَّة الدعوى به.
قال الزهري: قال لي عمر بن عبد العزيز: إني أريد أن أدع القسامة يأتي رجل من أرض كذا وآخر من أرض كذا فيحلفون على ما لا يرون، فقلت: إنك إن تتركها يوشك أن الرجل يقتل عند بابك فيبطل دمه، وإن للناس في القسامة لحياة.
قال القاضي عياض: هذا الحديث أصلٌ من أصول الشرع، وقاعدة من قواعد الأحكام، وركن من أركان مصالح العباد، انتهى.
وقال أبو الزناد عن خارجة: "قتلنا بالقسامة والصحابة متوافرون، إني لأرى أنهم ألف رجل فما اختلف منهم اثنان"؛ أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي.
وقال القرطبي: الأصل في الدعاوى أن اليمين على المدَّعَى عليه، وحكم القسامة أصلٌ بنفسه لتعذُّر إقامة البيِّنة على القتل فيها غالبًا، فإن القاصد للقتل يقصد الخلوة، ويترصَّد للغفلة، وتأيَّدت بذلك الرواية الصحيحة المتَّفَق عليها وبقي ما عدا القسامة على الأصل.
قوله: ((يُقسِم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته)) (الرمة) : حبل يكون في عنق الأسير، وهذا اللفظ يُستَعمل في دفع القاتل للأولياء للقتل.
وروى النسائي عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن ابن محيصة الأصغر أصبح قتيلاً على أبواب خيبر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أَقِم شاهدين على مَن قتله أدفعه إليكم برمَّته)) ، فقال: يا رسول الله، ومن أين أُصِيب شاهدين
اسم الکتاب : خلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام المؤلف : فيصل المبارك الجزء : 1 صفحة : 321