responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 393
وَلَنَا، أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ الْقِنِّ فِي التَّسَرِّي، جَازَ، فَالْمُكَاتَبُ أَوْلَى، وَلِأَنَّ الْمَنْعَ كَانَ لِأَجْلِ الضَّرَرِ بِالسَّيِّدِ، فَجَازَ تَأْدِيبُهُ، كَالتَّزْوِيجِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ إذَا تَسَرَّى بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، أَوْ غَيْرِ إذْنِهِ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ، وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَوَجَبَ لَهُ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ شَيْءٌ لِنَفْسِهِ. وَإِنْ حَبِلَتْ، فَالنَّسَبُ لَاحِقٌ بِهِ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ إذَا سَقَطَ بِالشُّبْهَةِ، لَحِقَهُ النَّسَبُ، وَيَكُونُ الْوَلَدُ مَمْلُوكًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ ابْنُ أَمَتِهِ، وَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ تَامٍّ، وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ وَلَدُهُ، وَيَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى كِتَابَتِهِ، فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ، وَعَتَقَ الْوَلَدُ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ لِأَبِيهِ الْحُرِّ، وَإِنْ عَجَزَ، وَعَادَ إلَى الرِّقِّ، فَوَلَدُهُ رَقِيقٌ أَيْضًا، وَيَكُونَانِ مَمْلُوكَيْنِ لِلسَّيِّدِ.
فَأَمَّا الْأَمَةُ، فَإِنْ وَلَدَتْ قَبْلَ عِتْقِهِ وَعَجْزِهِ، فَإِنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْمُكَاتَبِ، وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ؛ لِأَنَّ وَلَدَهَا لَهُ حُرْمَةُ الْحُرِّيَّةِ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ. وَيَعْتِقُ بِعِتْقِ أَبِيهِ، فَكَذَلِكَ أُمُّهُ. فَعَلَى هَذَا، لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا، وَتَكُونُ مَوْقُوفَةً عَلَى الْمُكَاتَبِ، إنْ عَتَقَ، فَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ، وَإِنْ رَقَّ، رَقَّتْ. وَقَالَ الْقَاضِي، فِي مَوْضِعٍ: لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِحَالٍ، وَلَهُ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّهَا حَمَلَتْ بِمَمْلُوكٍ، فِي مِلْكٍ غَيْرِ تَامٍّ.
وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ، كَهَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ. وَإِنْ وَضَعَتْهُ بَعْدَ عِتْقِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، تَبَيَّنَّا أَنَّهَا حَمَلَتْ بِهِ فِي حَالِ رِقِّهِ، فَالْحُكْمُ عَلَى مَا مَضَى. وَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ حَكَمْنَا أَنَّهَا حَمَلَتْهُ حُرًّا؛ لِأَنَّنَا لَمْ نَتَيَقَّنْ وُجُودَهُ فِي حَالِ الرِّقِّ، وَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ؛ لِأَنَّهَا عَلِقَتْ بِحُرٍّ فِي مِلْكِهِ. وَلِلشَّافِعِيِّ مِنْ التَّفْصِيلِ نَحْوٌ مِمَّا ذَكَرْنَا.

[فَصْلٌ يُزَوِّجُ الْمُكَاتَبُ عَبِيدَهُ وَإِمَاءَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ]
(8733) فَصْلٌ: وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُزَوِّجَ عَبِيدَهُ وَإِمَاءَهُ، بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ. وَذُكِرَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ، إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ، فَمَلَكَهُ، كَالْإِجَارَةِ. وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، فِي " رُءُوسِ الْمَسَائِلِ ". وَحُكِيَ عَنْ الْقَاضِي، أَنَّهُ قَالَ فِي " الْخِصَالِ ": لَهُ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ دُونَ الْعَبْدِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ عِوَضًا عَنْ تَزْوِيجِهَا، بِخِلَافِ الْعَبْدِ، وَلِأَنَّهُ عَقْدُ ذِمَّةٍ عَلَى مَنَافِعِهَا، فَأَشْبَهَ إجَارَتَهَا.
وَلَنَا، أَنَّ عَلَى السَّيِّدِ فِيهِ ضَرَرًا؛ لِأَنَّهُ إنْ زَوَّجَ الْعَبْدَ، لَزِمَتْهُ نَفَقَةُ امْرَأَتِهِ وَمَهْرُهَا، وَشَغَلَهُ بِحُقُوقِ النِّكَاحِ، وَنَقْصِ قِيمَتِهِ، وَإِنْ زَوَّجَ الْأَمَةَ، مَلَكَ الزَّوْجُ بُضْعَهَا، وَنَقَصَتْ قِيمَتُهَا، وَقَلَّتْ الرَّغَبَاتُ فِيهَا، وَرُبَّمَا امْتَنَعَ بَيْعُهَا بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ جِهَاتِ الْمُكَاتَبِ، فَرُبَّمَا عَجَّزَهُ ذَلِكَ عَنْ أَدَاءِ نُجُومِهِ، وَإِنْ عَجَزَ، عَادَ رَقِيقًا لِلسَّيِّدِ،

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 393
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست