responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 394
مَعَ مَا تَعَلَّقَ بِهِمْ مِنْ الْحُقُوقِ، وَلَحِقَهُمْ مِنْ النَّقْصِ، فَلَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لَهُ، كَإِعْتَاقِهِمْ، وَفَارَقَ إجَارَةَ الدَّارِ، فَإِنَّهَا مِنْ جِهَاتِ الْمَكَاسِبِ عَادَةً. فَعَلَى هَذَا، إنْ وَجَبَ تَزْوِيجُهُمْ، لِطَلَبِهِمْ ذَلِكَ، وَحَاجَتِهِمْ إلَيْهِ، بَاعَهُمْ؛ فَإِنَّ الْعَبْدَ مَتَى طَلَبَ التَّزْوِيجَ، خُيِّرَ سَيِّدُهُ بَيْنَ بَيْعِهِ وَتَزْوِيجِهِ.
وَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي ذَلِكَ، جَازَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ، وَالْمَنْعَ مِنْ أَجْلِهِ، فَجَازَ بِإِذْنِهِ.

[فَصْلٌ إعْتَاقُ الْمُكَاتَبِ رَقِيقَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ]
(8734) فَصْلٌ: وَلَيْسَ لَهُ إعْتَاقُ رَقِيقِهِ، إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ. وَبِهَذَا قَالَ الْحَسَنُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا عَلَى سَيِّدِهِ، بِتَفْوِيتِ مَالِهِ فِيمَا لَا يَحْصُلُ لَهُ بِهِ مَالٌ، فَأَشْبَهَ الْهِبَةَ. فَإِنْ أَعْتَقَ، لَمْ يَصِحَّ إعْتَاقُهُ. وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَصِحَّ، وَيَقِفَ عَلَى إذْنِ سَيِّدِهِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى آخِرِ أَمْرِ الْمُكَاتَبِ؛ فَإِنْ أَدَّى، عَتَقَ مُعْتَقُهُ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ، رَقَّ. قَالَ الْقَاضِي: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، كَقَوْلِنَا فِي ذَوِي الْأَرْحَامِ، إنَّهُمْ مَوْقُوفُونَ. وَلَنَا، أَنَّهُ تَبَرُّعٌ بِمَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، فَكَانَ بَاطِلًا، كَالْهِبَةِ، وَلِأَنَّهُ تَصَرَّفَ تَصَرُّفًا مُنِعَ مِنْهُ لِحَقِّ سَيِّدِهِ، فَكَانَ بَاطِلًا، كَسَائِرِ مَا يُمْنَعُ مِنْهُ. وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى ذَوِي أَرْحَامِهِ؛ لِأَنَّ عِتْقَ ذَوِي أَرْحَامِهِ لَيْسَ بِتَصَرُّفٍ مِنْهُ، وَإِنَّمَا يُعْتِقُهُمْ الشَّرْعُ عَلَى مَالِكِهِمْ بِمِلْكِهِمْ، وَالْمُكَاتَبُ مِلْكُهُ نَاقِصٌ، فَلَمْ يَعْتِقْ بِهِ، فَإِذَا عَتَقَ كَمُلَ مِلْكُهُ، فَعَتَقُوا حِينَئِذٍ، وَالْمُعْتَقُ إنَّمَا يَعْتِقُ بِالْإِعْتَاقِ الَّذِي كَانَ بَاطِلًا، فَلَا تَتَيَقَّنُ صِحَّتُهُ إذَا كَمُلَ الْمِلْكُ؛ لِأَنَّ كَمَالَ الْمِلْكِ فِي الثَّانِي لَا يُوجِبُ كَوْنَهُ كَامِلًا حِينَ الْإِعْتَاقِ، وَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ سَائِرُ تَبَرُّعَاتِهِ بِأَدَائِهِ. فَأَمَّا إنْ أَذِنَ فِيهِ سَيِّدُهُ، صَحَّ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ تَبَرُّعَهُ بِمَالِهِ يَفُوقُ الْمَقْصُودَ مِنْ كِتَابَتِهِ، وَهُوَ الْعِتْقُ الَّذِي هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، أَوْ فِيهِ حَقٌّ لَهُ، فَلَا يَجُوزُ تَفْوِيتُهُ، وَلِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَنْفَكُّ مِنْ الْوَلَاءِ وَالْعَبْدُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ، وَلِأَنَّ مِلْكَ الْمُكَاتَبِ نَاقِصٌ، وَالسَّيِّدُ لَا يَمْلِكُ إعْتَاقَ مَا فِي يَدِهِ وَلَا هِبَتَهُ، فَلَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ فِيهِ.
وَلَنَا، أَنَّ الْحَقَّ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمَا، فَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى التَّبَرُّعِ بِهِ، جَازَ، كَالرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ. وَمَا ذَكَرُوهُ يَبْطُلُ بِالنِّكَاحِ، فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَلَا يَمْلِكُهُ السَّيِّدُ عَلَيْهِ، وَإِذَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ، جَازَ، وَأَمَّا الْوَلَاءُ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَوْقُوفًا فَإِنْ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ، كَانَ لَهُ، وَإِلَّا فَهُوَ لِسَيِّدِهِ، كَمَا يَرِقُّ مَمَالِيكُهُ مِنْ ذَوِي أَرْحَامِهِ. هَذَا قَوْلُ الْقَاضِي. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: يَكُونُ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ إعْتَاقَهُ إنَّمَا صَحَّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، فَكَانَ كَالنَّائِبِ لَهُ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 394
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست