responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 392
وَلَنَا قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوَالِيهِ، فَهُوَ عَاهِرٌ» . وَلِأَنَّ عَلَى السَّيِّدِ فِيهِ ضَرَرًا، لِأَنَّهُ رُبَّمَا عَجَزَ فَيَرْجِعُ إلَيْهِ نَاقِصَ الْقِيمَةِ، وَيَحْتَاجُ أَنْ يُؤَدِّيَ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ مِنْ كَسْبِهِ، فَيَعْجِزُ عَنْ تَأْدِيَةِ نُجُومِهِ، فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، كَالتَّبَرُّعِ بِهِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ لَمْ يَصِحَّ تَزْوِيجُهُ.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: نِكَاحُهُ مَوْقُوفٌ إنْ أَدَّى تَبَيَّنَّا أَنَّهُ كَانَ صَحِيحًا، وَإِنْ عَجَزَ، فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ.
وَلَنَا الْخَبَرُ وَلِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مُنِعَ مِنْهُ لِلضَّرَرِ، فَلَمْ يَصِحَّ، كَالْهِبَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ لَا أَصْلَ لَهُ. فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَا مَهْرَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ، فَعَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا، يُؤَدَّى مِنْ كَسْبِهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ جِنَايَتِهِ، وَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لَحِقَهُ نَسَبُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ وَطْءٍ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ، فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ حُرَّةً، فَهُوَ حُرٌّ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً، فَوَلَدُهَا رَقِيقٌ لِسَيِّدِهَا. فَأَمَّا إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي النِّكَاحِ، صَحَّ مِنْهُ. فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا؛ فَإِنَّ الْخَبَرَ يَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى صِحَّةِ تَزْوِيجِهِ، إذَا أَذِنَ لَهُ، وَلِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ نِكَاحِهِ لِحَقِّ سَيِّدِهِ، فَإِذَا أَذِنَ لَهُ، زَالَ الْمَانِعُ، وَلِأَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ الْقِنِّ فِي النِّكَاحِ، صَحَّ مِنْهُ، فَالْمُكَاتَبُ أَوْلَى.

[فَصْلٌ تَسَرَّى الْمُكَاتَبُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ]
(8732) فَصْلٌ: وَلَيْسَ لَهُ التَّسَرِّي بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ تَامٍّ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَا يَنْبَغِي لِأَهْلِهِ أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ التَّسَرِّي.
وَلَنَا، أَنَّ مِلْكَهُ نَاقِصٌ، وَعَلَى السَّيِّدِ فِيهِ ضَرَرٌ، فَيُمْنَعُ مِنْهُ، كَالتَّزْوِيجِ. وَبَيَانُ الضَّرَرِ فِيهِ أَنَّهُ رُبَّمَا أَحْبَلَهَا، وَالْحَبَلُ مَخُوفٌ فِي بَنَاتِ آدَمَ، فَرُبَّمَا تَلِفَتْ وَرُبَّمَا وَلَدَتْ، فَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ بَيْعُهَا فِي أَدَاءِ كِتَابَتِهَا، وَإِنْ عَجَزَتْ، رَجَعَتْ إلَى السَّيِّدِ نَاقِصَةً، فَإِذَا مُنِعَ مِنْ التَّزْوِيجِ لِضَرَرِهِ، فَهَذَا أَوْلَى. فَأَمَّا إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي التَّسَرِّي جَازَ لَهُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ سَيِّدُهُ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ يَضُرُّ بِهِ، وَرُبَّمَا أَفْضَى إلَى مَنْعِهِ مِنْ الْعِتْقِ، فَلَمْ يَجُزْ وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ سَيِّدُهُ، وَلِأَنَّهُ نَاقِصُ الْمِلْكِ، فَلَمْ يَجُزْ لَهُ التَّسَرِّي، كَوَطْءِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 392
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست