responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 391
غَرِيمٌ، فَلَمْ يَصِحَّ شَرْطُ تَرْكِ السَّفَرِ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ أَقْرَضَهُ رَجُلٌ قَرْضًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يُسَافِرَ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ يَصِحُّ الشَّرْطُ، وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ السَّفَرِ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ.» وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ لَهُ فِيهِ فَائِدَةٌ، فَلَزِمَ كَمَا لَوْ شَرَطَ نَقْدًا مَعْلُومًا. وَبَيَانُ فَائِدَتِهِ، أَنَّهُ لَا يَأْمَنُ إبَاقَهُ وَأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَى سَيِّدِهِ، فَيَفُوتُ الْعَبْدُ وَالْمَالُ الَّذِي عَلَيْهِ، وَيُفَارِقُ الْقَرْضَ فَإِنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنْ جَانِبِ الْمُقْرِضِ، مَتَى شَاءَ طَالَبَ بِأَخْذِهِ، وَمَنَعَ الْغَرِيمَ السَّفَرَ قَبْلَ إيفَائِهِ فَكَانَ الْمَنْعُ مِنْ السَّفَرِ حَاصِلًا بِدُونِ شَرْطِهِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ السَّيِّدَ مَنْعُهُ مِنْ السَّفَرِ إلَّا بِشَرْطِهِ وَفِيهِ حِفْظُ عَبْدِهِ وَمَالِهِ، فَلَا يُمْنَعُ مِنْ تَحْصِيلِهِ. وَهَذَا أَصَحُّ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَوْلَى.
فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ، لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْ السَّفَرِ، فَإِنْ سَافَرَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَلَهُ رَدُّهُ إنْ أَمْكَنَهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ رَدُّهُ، احْتَمَلَ أَنَّ لَهُ تَعْجِيزَهُ، وَرَدَّهُ إلَى الرِّقِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفِ بِمَا شَرَطَهُ عَلَيْهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَفِ بِأَدَاءِ الْكِتَابَةِ. وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يَمْلِكَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُكَاتَبٌ كِتَابَةً صَحِيحَةً، لَمْ يَظْهَرْ عَجْزُهُ، فَلَمْ يَمْلِكْ تَعْجِيزَهُ، كَمَا لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ.

[فَصْلٌ شَرَطَ فِي كِتَابَتِهِ أَنْ لَا يَسْأَلَ]
(8730) فَصْلٌ: وَإِنْ شَرَطَ فِي كِتَابَتِهِ أَنْ لَا يَسْأَلَ، فَقَالَ أَحْمَدُ: قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: هُمْ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إنْ رَأَيْتَهُ يَسْأَلُ تَنْهَاهُ. فَإِنْ قَالَ: لَا أَعُودُ. لَمْ يَرُدَّهُ عَنْ كِتَابَتِهِ فِي مَرَّةٍ. فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الشَّرْطَ صَحِيحٌ لَازِمٌ، وَأَنَّهُ إنْ خَالَفَ مَرَّةً، لَمْ يُعَجِّزْهُ، وَإِنْ خَالَفَ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، فَلَهُ تَعْجِيزُهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إذَا رَآهُ يَسْأَلُ مَرَّةً فِي مَرَّةٍ، عَجَّزَهُ، كَمَا إذَا حَلَّ نَجْمٌ فِي نَجْمٍ، عَجَّزَهُ. فَاعْتَبَرَ الْمُخَالَفَةَ فِي مَرَّتَيْنِ كَحُلُولِ نَجْمَيْنِ. وَإِنَّمَا صَحَّ الشَّرْطُ؛ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» . وَلِأَنَّ لَهُ فِي هَذَا فَائِدَةً وَغَرَضًا صَحِيحًا، وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ كَلًّا عَلَى النَّاسِ، وَلَا يُطْعِمَهُ مِنْ صَدَقَتِهِمْ وَأَوْسَاخِهِمْ. وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ، أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الشَّرْطُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لِلْمُكَاتَبِ سَهْمًا مِنْ الصَّدَقَةِ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَفِي الرِّقَابِ} [التوبة: 60] . وَهُمْ الْمُكَاتَبُونَ، فَلَمْ يَصِحَّ اشْتِرَاطُ تَرْكِ طَلَبِ مَا جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

[مَسْأَلَةٌ زَوَاجُ الْمُكَاتَبِ]
(8731) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) . وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ، وَمَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ: لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، أَشْبَهَ الْبَيْعَ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 391
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست