responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج المؤلف : الرملي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 36
وَثَلَاثَةَ عَشَرَ.
وَذَكَرَ التَّشَهُّدَ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ: «كُلُّ خُطْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَشَهُّدٌ فَهِيَ كَالْيَدِ الْجَذْمَاءِ» : أَيْ الْقَلِيلَةِ الْبَرَكَةِ، وَتُطْلَقُ الْيَدُ الْجَذْمَاءُ عَلَى الَّتِي ذَهَبَ أَصَابِعُهَا دُونَ الْكَفِّ أَوْ مَعَهُ، فَشَبَّهَ مَا لَا تَشَهُّدَ فِيهِ مِنْ الْخُطَبِ بِالْيَدِ الَّتِي فَقَدَتْ أَصَابِعَهَا مَعَ كَفِّهَا أَوْ دُونَهُ فَلَا يَقْدِرُ صَاحِبُهَا عَلَى التَّوَصُّلِ بِهَا إلَى تَحْصِيلِ مَا حَاوَلَهُ، فَإِطْلَاقُ الْأَقْطَعِ عَلَى مَا ذَكَرَ تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ أَوْ اسْتِعَارَةٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ لِعُلَمَاءِ الْبَيَانِ فِيمَا حُذِفَتْ فِيهِ أَدَاةُ التَّشْبِيهِ، وَجَعْلُ الْمُشَبَّهِ بِهِ خَبَرًا عَنْ الْمُشَبَّهِ وَالْمُخْتَارُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَزَادَهُ فَضْلًا وَشَرَفًا لَدَيْهِ) أَيْ عِنْدَهُ، وَالْقَصْدُ بِذَلِكَ الدُّعَاءُ؛ لِأَنَّ الْكَامِلَ يَقْبَلُ زِيَادَةَ التَّرَقِّي، فَانْدَفَعَ مَا زَعَمَهُ جَمْعٌ مِنْ امْتِنَاعِ الدُّعَاءِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقِبَ نَحْوِ خَتْمِ الْقُرْآنِ بِاَللَّهُمِ اجْعَلْ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي شَرَفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنَّ جَمِيعَ أَعْمَالِ أُمَّتِهِ تَتَضَاعَفُ لَهُ نَظِيرُهَا؛ لِأَنَّهُ السَّبَبُ فِيهَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً لَا تُحْصَى، فَهِيَ زِيَادَةٌ فِي شَرَفِهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْ ذَلِكَ لَهُ فَسُؤَالُهُ تَصْرِيحٌ بِالْمَعْلُومِ، وَقَدْ أَوْضَحْت ذَلِكَ وَبَيَّنْت دَلِيلَهُ مِنْ السُّنَّةِ فِيمَا عَلَّقَتْهُ مِنْ الْفَتَاوَى: أَيْ اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَزِدْهُ، وَأَتَى بِالْأَفْعَالِ بِصِيغَةِ الْمَاضِي رَجَاءً لِتَحَقُّقِ حُصُولِ الْمَسْئُولِ، وَبِالصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ امْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] وَقَدْ فَسَّرَ قَوْله تَعَالَى {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 4] بِأَنَّ مَعْنَاهُ: لَا أُذْكَرُ إلَّا وَتُذْكَرُ مَعِي، وَالصَّلَاةُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى رَحْمَةٌ مَقْرُونَةٌ بِتَعْظِيمٍ، وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ اسْتِغْفَارٌ، وَمِنْ الْمُكَلَّفِينَ تَضَرُّعٌ وَدُعَاءٌ، وَقَرَنَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّلَامِ خُرُوجًا مِنْ كَرَاهَةِ إفْرَادِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ.
فَإِنْ قُلْت: قَدْ جَاءَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ غَيْرَ مَقْرُونَةٍ بِالتَّسْلِيمِ فِي آخِرِ التَّشَهُّدِ فِي الصَّلَاةِ. فَالْجَوَابُ: أَنَّ السَّلَامَ تَقَدَّمَ فِيهِ فِي قَوْلِهِ السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ، وَفَضْلًا وَشَرَفًا يَجُوزُ تَرَادُفُهُمَا، فَالْجَمْعُ لِلْإِطْنَابِ، وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ لِطَلَبِ زِيَادَةِ الْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ الْبَاطِنَةِ، وَالثَّانِي لِطَلَبِ زِيَادَةِ الْأَخْلَاقِ الْكَرِيمَةِ الظَّاهِرَةِ، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْأَوَّلَ ضِدُّ النَّقْصِ، وَالثَّانِيَ عُلُوُّ الْمَجْدِ، وَهُوَ إلَى التَّرَادُفِ أَقْرَبُ

(أَمَّا بَعْدُ) أَتَى بِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَالْمُخْتَارُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ فَإِطْلَاقُ الْأَقْطَعِ عَلَى مَا ذُكِرَ تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ (قَوْلُهُ: امْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى) فِيهِ الْآيَةَ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى طَلَبِ الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ وَذَلِكَ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَقْتَضِي طَلَبَهُمَا فِي كُلِّ أَمْرٍ فَكَانَ الْأَوْلَى الِاسْتِدْلَالَ بِمَا رُوِيَ مِنْ «أَنَّ كُلَّ أَمْرٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيَّ فَهُوَ أَبْتَرُ مَمْحُوقٌ مِنْ كُلِّ بَرَكَةٍ» إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ تِلْكَ الرِّوَايَةَ لَمَّا كَانَ فِي سَنَدِهَا ضَعْفٌ لَمْ يَحْتَجَّ بِهَا، وَاكْتَفَى بِالْآيَةِ لِدَلَالَتِهَا عَلَى أَصْلِ الطَّلَبِ، عَلَى أَنَّ الْآيَةَ فِيهَا طَلَبُ الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ بِخِلَافِ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ وَمِنْ الْمُكَلَّفِينَ تَضَرُّعٌ وَدُعَاءٌ) إنَّمَا قَالَ الْمُكَلَّفِينَ دُونَ الْآدَمِيِّينَ لِيَشْمَلَ الْجِنَّ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ كَابْنِ حَجَرٍ وَالْمَحَلِّيِّ هُنَا لِبَقِيَّةِ الْحَيَوَانَاتِ وَالْجَمَادَاتِ.
وَنُقِلَ عَنْ شَرْحِ الْمِشْكَاةِ لِابْنِ حَجَرٍ أَنَّهَا مِنْ بَقِيَّةِ الْحَيَوَانَاتِ كَالْآدَمِيِّ، وَأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ شَيْءٌ فِي الْجَمَادَاتِ فَلْتُرَاجَعْ عِبَارَتُهُ (قَوْلُهُ: إفْرَادُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَالْإِفْرَادُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ إنْ اخْتَلَفَ الْمَجْلِسُ أَوْ الْكِتَابُ اهـ بِحُرُوفِهِ.
وَالشَّارِحُ لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الْإِفْرَادُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ جَوَابِهِ مِنْ عَدَمِ الْإِفْرَادِ فِي التَّشَهُّدِ أَنَّ الْمُوَالَاةَ بَيْنَهُمَا لَا تُشْتَرَطُ وَلَا تَعَرُّضَ فِيهِ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ) ظَاهِرُ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ تَقْدِيمُ السَّلَامِ عَلَى الصَّلَاةِ كَأَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ وَصَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وَيُوَافِقُهُ ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] حَيْثُ عَطَفَ السَّلَامَ بِالْوَاوِ الدَّالَّةِ عَلَى مُطْلَقِ الْجَمْعِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ إلَى التَّرَادُفِ أَقْرَبُ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ فِيهِ نَظَرٌ.
اهـ وَلَعَلَّهُ أَنَّ انْتِفَاءَ النَّقْضِ لَا يَحْصُلُ مَجْدًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQاعْتِرَاضٌ (قَوْلُهُ: فَإِطْلَاقُ الْأَقْطَعِ إلَخْ) سَبْقُ قَلَمٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي رِوَايَاتِ الْبَسْمَلَةِ، وَالْحَمْدَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي مَحَلِّهَا، وَرِوَايَةُ التَّشَهُّدِ لَيْسَ فِيهَا لَفْظُ أَقْطَعُ وَلَا حَذْفُ أَدَاةِ تَشْبِيهٍ (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ اسْتِغْفَارٌ) يُنْظَرُ مَا مَعْنَى اسْتِغْفَارِهِمْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ وَالِاسْتِغْفَارُ طَلَبُ الْمَغْفِرَةِ، وَهُوَ مَعْصُومٌ.
فَإِنْ قُلْت: الْمُرَادُ الِاسْتِغْفَارُ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ الَّذِي هُوَ طَلَبُ السَّتْرِ، وَالْقَصْدُ الْحَيْلُولَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الذَّنْبِ فَيَرْجِعُ إلَى الْعِصْمَةِ.
قُلْت: بَعْدَ تَسْلِيمِهِ إنَّمَا يَظْهَرُ

اسم الکتاب : نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج المؤلف : الرملي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 36
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست