responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج المؤلف : الرملي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 35
خَوَاصَّ بَنِي آدَمَ وَهُمْ الْأَنْبِيَاءُ أَفْضَلُ مِنْ خَوَاصِّ الْمَلَائِكَةِ وَهُمْ الرُّسُلُ مِنْهُمْ، وَأَنَّ عَوَامَّ بَنِي آدَمَ وَهُمْ الْأَتْقِيَاءُ الْأَوْلِيَاءُ أَفْضَلُ مِنْ عَوَامِّ الْمَلَائِكَةِ كَالسَّيَّاحِينَ مِنْهُمْ، قَالَ تَعَالَى {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110] وَقَالَ تَعَالَى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107] وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ» وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَفْضِيلُهُ عَلَى آدَمَ أَيْضًا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ أَفْضَلَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ أُولُو الْعَزْمِ وَهُمْ نُوحٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقِيلَ إنَّ أَفْضَلَ الْأَنْبِيَاءِ بَعْدَ نَبِيِّنَا آدَم، وَعَلَيْهِ فَيُؤْخَذُ تَفْضِيلُهُ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَخَصَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالذِّكْرِ لِظُهُورِهِ لِكُلِّ أَحَدٍ بِلَا مُنَازَعَةٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ} [غافر: 16] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «آدَم وَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِي» وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ التِّرْمِذِيِّ «وَأَنَا أَكْرَمُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ عَلَى اللَّهِ وَلَا فَخْرَ» وَنَوْعُ الْآدَمِيِّ أَفْضَلُ الْخَلْقِ فَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُهُمْ.
وَقَدْ حَكَى الرَّازِيّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ مُفَضَّلٌ عَلَى جَمِيعِ الْعَالَمِينَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ» وَقَوْلُهُ «لَا تُفَضِّلُونِي عَلَى يُونُسَ بْنِ مَتَّى» وَنَحْوُهُمَا. فَأُجِيبُ عَنْهَا بِأَنَّهُ نَهَى عَنْ تَفْضِيلٍ يُؤَدِّي إلَى تَنْقِيصِ بَعْضِهِمْ فَإِنَّ ذَلِكَ كُفْرٌ، أَوْ عَنْ تَفْضِيلٍ فِي نَفْسِ النُّبُوَّةِ الَّتِي لَا تَتَفَاوَتُ لَا فِي ذَوَاتِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَفَاوِتِينَ بِالْخَصَائِصِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} [البقرة: 253] أَوْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ تَأَدُّبًا وَتَوَاضُعًا، أَوْ نَهَى عَنْهُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ أَفْضَلُ الْخَلْقِ، وَلِهَذَا لَمَّا عَلِمَ قَالَ «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ» وَقَدْ بَيَّنَّا تَرْتِيبَ أُولِي الْعَزْمِ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَالْأَنْبِيَاءُ مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا، وَاخْتُلِفَ فِي عَدَدِ الرُّسُلِ مِنْهُمْ فَقِيلَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ، وَقِيلَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَأَحْرُفُ اسْمِ نَبِيِّنَا بِالْجُمَلِ الْكَبِيرِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ، إذْ فِيهِ ثَلَاثُ مِيمَاتٍ؛ لِأَنَّ الْحَرْفَ الْمُشَدَّدَ بِحَرْفَيْنِ وَلَفْظُ مِيمٍ ثَلَاثَةُ أَحْرُفٍ، فَجُمْلَتُهَا مِائَتَانِ وَسَبْعُونَ، وَلَفْظُ دَالٍ بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ، وَلَفْظُ حَاءٍ بِتِسْعَةٍ، فَفِي اسْمِهِ الْكَرِيمِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ جَمِيعَ الْكَمَالَاتِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْمُرْسَلِينَ مَوْجُودَةٌ فِيهِ، وَزِيَادَةُ وَاحِدٍ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى أَنَّهُ مُفَضَّلٌ عَلَى جَمِيعِ الْعَالَمِينَ (قَوْلُهُ كَالسَّيَّاحِينَ مِنْهُمْ) أَيْ الْمَلَائِكَةِ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ} [غافر: 16] ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَعِبَارَةُ الْبُدُورِ السَّافِرَةِ نَصُّهَا: ثُمَّ يَأْتِي مَلَكُ الْمَوْتِ إلَى الْجَبَّارِ فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ قَدْ مَاتَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ، فَيَقُولُ وَهُوَ أَعْلَمُ: فَمَنْ بَقِيَ؟ فَيَقُولُ: بَقِيت أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لَا تَمُوتُ، وَبَقِيت أَنَا، فَيَقُولُ: أَنْتَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِي خَلَقْتُك لِمَا رَأَيْت، فَمُتْ فَيَمُوتُ، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ إلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ طَوَى السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ وَقَالَ: أَنَا الْجَبَّارُ لِمَنْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ فَيَقُولُ لِنَفْسِهِ: لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: آدَم وَمَنْ دُونَهُ) أَيْ وُجِدَ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: تَأَدُّبًا وَتَوَاضُعًا) لَا يَظْهَرُ هَذَا الْجَوَابُ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ «لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ» وَإِنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى قَوْلِهِ «لَا تُفَضِّلُونِي عَلَى يُونُسَ» .
(قَوْلُهُ: وَقَدْ بَيَّنَّا تَرْتِيبَ أُولِي الْعَزْمِ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ) وَعِبَارَتُهُ وَالْأَرْجَحُ فِي تَرْتِيبِ أَفْضَلِيَّةِ أُولِي الْعَزْمِ بَعْدَ نَبِيِّنَا عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ تَقْدِيمُ إبْرَاهِيمَ ثُمَّ مُوسَى ثُمَّ عِيسَى ثُمَّ نُوحٍ انْتَهَى، وَقَدْ أَشَارَ إلَى هَذَا التَّرْتِيبِ قَوْلُ بَعْضِهِمْ:
مُحَمَّدٌ إبْرَاهِيمُ مُوسَى كَلِيمُهُ ... فَعِيسَى فَنُوحٌ هُمْ أُولُو الْعَزْمِ فَاعْلَمْ
(قَوْلُهُ: فَقِيلَ ثَلَاثُمِائَةٍ) عِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ وَاقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهِيَ أَنْسَبُ وَأَقْعَدُ (قَوْلُهُ: قَالَ تَعَالَى {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} [آل عمران: 110] شُرُوعٌ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى أَفْضَلِيَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ كَمَالَ الْأُمَّةِ تَابِعٌ لِكَمَالِ نَبِيِّهَا (قَوْلُهُ: وَنَوْعُ الْآدَمِيِّ أَفْضَلُ الْخَلْقِ إلَخْ) تَتِمَّةُ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ» وَقَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ تَفْضِيلُهُ عَلَى آدَمَ إلَى آخِرِ مَا انْجَرَّ إلَيْهِ الْكَلَامُ

اسم الکتاب : نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج المؤلف : الرملي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 35
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست