responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج المؤلف : الرملي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 34
لَكِنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ قَدْ تُخْرِجُ الْجِنَّ مَعَ أَنَّهُ مَبْعُوثٌ إلَيْهِمْ، فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ بِشُمُولِ النَّاسِ لَهُمْ كَمَا عُزِيَ لِلْجَوْهَرِيِّ وَعَلَيْهِ فَلَا اعْتِرَاضَ، أَوْ أَنَّهُمْ دَخَلُوا بِدَلِيلٍ آخَرَ. وَمُحَمَّدٌ عَلَمٌ مَنْقُولٌ مِنْ اسْمِ الْمَفْعُولِ الْمُضَعَّفِ سُمِّيَ بِهِ نَبِيًّا بِإِلْهَامٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى تَفَاؤُلًا بِأَنَّهُ يُكْثِرُ حَمْدَ الْخَلْقِ لَهُ لِكَثْرَةِ خِصَالِهِ الْمَحْمُودَةِ، كَمَا رُوِيَ فِي السِّيَرِ أَنَّهُ قِيلَ لِجَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَقَدْ سَمَّاهُ فِي سَابِعِ وِلَادَتِهِ لِمَوْتِ أَبِيهِ قَبْلَهَا: لِمَ سَمَّيْت ابْنَك مُحَمَّدًا وَلَيْسَ مِنْ أَسْمَاءِ آبَائِك وَلَا قَوْمِك؟ فَقَالَ: رَجَوْت أَنْ يُحْمَدَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَقَدْ حَقَّقَ اللَّهُ رَجَاءَهُ كَمَا سَبَقَ فِي عِلْمِهِ قَالَ الْعُلَمَاءُ: لَيْسَ لِلْمُؤْمِنِ صِفَةٌ أَتَمُّ وَلَا أَشْرَفُ مِنْ الْعُبُودِيَّةِ، وَلِهَذَا أَطْلَقَهَا اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ فِي أَشْرَفِ الْمَوَاطِنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ - الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ - تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} [الفرقان: 1] {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: 10] وَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: بِمَ أُشَرِّفُك؟ قَالَ: بِأَنْ تَنْسُبَنِي إلَيْك بِالْعُبُودِيَّةِ» .

وَالنَّبِيُّ إنْسَانٌ ذَكَرٌ حُرٌّ سَلِيمُ الْخِلْقَةِ مِمَّا يُنَفِّرُ عَادَةً كَالْعَمَى وَالْبَرَصِ، أُوحِيَ إلَيْهِ بِشَرْعٍ وَإِنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِتَبْلِيغِهِ، فَإِنْ أُمِرَ بِذَلِكَ فَرَسُولٌ أَيْضًا، أَوْ وَأُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كِتَابٌ أَوْ نَسْخٌ لِبَعْضِ شَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ كَيُوشَعَ، فَإِنْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فَرَسُولٌ أَيْضًا قَوْلَانِ، فَالنَّبِيُّ أَعَمُّ مِنْ الرَّسُولِ عَلَيْهِمَا، وَفِي ثَالِثٍ أَنَّهُمَا بِمَعْنًى وَهُوَ مَعْنَى الرَّسُولِ عَلَى الْأَوَّلِ الْمَشْهُورِ. وَالرَّسُولُ بِاعْتِبَارِ الْمَلَائِكَةِ أَعَمُّ مِنْ النَّبِيِّ إذْ يَكُونُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالْبَشَرِ، وَفِي التَّنْزِيلِ {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلا وَمِنَ النَّاسِ} [الحج: 75] وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَفْضِيلَهُ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ الْأَنْبِيَاءَ وَالْمَلَائِكَةَ وَغَيْرَهُمْ؛ لِأَنَّهُ حَذَفَ الْمُفَضَّلَ عَلَيْهِ وَحَذْفُ الْمَعْمُولِ يُؤْذِنُ بِالْعُمُومِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ، قَالُوا: إنَّ النَّوْعَ الْإِنْسَانِيَّ أَفْضَلُ مِنْ نَوْعِ الْمَلَائِكَةِ، وَأَنَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــSإنَّهُ أُرْسِلَ لِلْمَلَائِكَةِ، وَالْبَارِزِيُّ: إنَّهُ أُرْسِلَ لِلْجَمَادَاتِ، وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ حَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ مَبْعُوثٌ إلَيْهِمْ) أَيْ إجْمَاعًا يُكَفَّرُ مُنْكِرُهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، ابْنُ حَجَرٍ لَكِنَّا لَا نَعْلَمُ تَفَاصِيلَ مَا أُرْسِلَ بِهِ إلَيْهِمْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَكْلِيفُهُمْ بِالْفُرُوعِ الَّتِي كَلَّفَنَا بِهَا تَفْصِيلًا، لَكِنْ فِي شَرْحِ إيضَاحِ النَّوَوِيِّ لِلشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: فَهُمْ أَيْ الْجِنُّ مُكَلَّفُونَ بِجَمِيعِ مَا كُلِّفْنَا بِهِ إلَّا مَا ثَبَتَ خُصُوصُهُ بِهِمْ انْتَهَى (قَوْلُهُ: بِشُمُولِ النَّاسِ لَهُمْ) أَيْ لِأَخْذِهِمْ النَّاسَ إذَا تَحَرَّكَ (قَوْلُهُ: مِنْ اسْمِ الْمَفْعُولِ الْمُضَعَّفِ) أَيْ الْمُكَرَّرِ الْعَيْنِ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ التَّضْعِيفِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ عِنْدَ الصَّرْفِيِّينَ، وَهُوَ فِي الثُّلَاثِيِّ مَا كَانَتْ عَيْنُهُ وَلَامُهُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَمَدَّ وَفِي الرُّبَاعِيِّ مَا كَانَتْ فَاؤُهُ وَلَامُهُ الْأُولَى مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَعَيْنُهُ وَلَامُهُ الثَّانِيَةُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَزَلْزَلَ (قَوْلُهُ: تَفَاؤُلًا) هُوَ بِالْهَمْزِ كَمَا فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ

(قَوْلُهُ: كَالْعَمَى وَالْبَرَصِ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلَا يَرِدُ بَلَاءُ أَيُّوبَ وَعَمَى نَحْوِ يَعْقُوبَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ حَقِيقِيٌّ لِطُرُوِّهِ بَعْدَ الْإِنْبَاءِ وَالْكَلَامِ فِيمَا قَارَنَهُ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَفِي ثَالِثٍ أَنَّهُمَا) وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَخِيرَيْنِ مَنْ أُوحِيَ إلَيْهِ بِشَرْعٍ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِتَبْلِيغِهِ لَيْسَ بِنَبِيٍّ وَلَا رَسُولٍ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى) فِي ابْنِ حَجَرٍ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ غَلَطٌ، وَبَالَغَ فِي بَيَانِهِ وَالرَّدِّ عَلَى مَنْ انْتَصَرَ لَهُ، وَيَلْزَمُهُ بِمُقْتَضَى مَا عَلَّلَ بِهِ أَنَّ الثَّانِيَ الْوَاقِعَ فِي كَلَامِهِمْ غَلَطٌ أَيْضًا فَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّ مُجَرَّدَ مَا عَلَّلَ بِهِ وَمِنْهُ وُرُودُ الْخَبَرِ بِعَدَدِ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَقْضِي التَّغْلِيطَ (قَوْلُهُ: وَالرَّسُولُ بِاعْتِبَارِ الْمَلَائِكَةِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ) أَيْ أَفْضَلِيَّتُهُ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ، وَقَدْ يُفْهِمُ هَذَا أَنَّ غَيْرَهُمْ يُخَالِفُ فِي ذَلِكَ، وَسَيَأْتِي عَنْ الرَّازِيّ الْإِجْمَاعُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّارِحُ هُنَا بِالْخَلْقِ وَكَانَ لَا يَرَى بِعْثَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْمَلَائِكَةِ الشَّامِلِ لَهُمْ التَّعْبِيرُ الْمَذْكُورُ كَالْجَمَادَاتِ أَظْهَرَ فِي قَوْلِهِ لِدَعْوَةِ مَنْ بُعِثَ إلَيْهِمْ وَلَمْ يُضْمِرْ لِئَلَّا يَتَنَاقَضَ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ: بِإِلْهَامٍ) مُتَعَلِّقٍ بِسُمِّي، وَقَوْلُهُ بِأَنَّهُ يَكْثُرُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَفَاؤُلًا، وَالْمَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ أَلْهَمَ جَدَّهُ بِتَسْمِيَتِهِ بِهَذَا الِاسْمِ مُتَفَائِلًا، أَوْ لِأَجْلِ التَّفَاؤُلِ.
وَفِي نُسْخَةٍ: سُمِّيَ بِهِ نَبِيُّنَا بِإِلْهَامٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى تَفَاؤُلًا

(قَوْلُهُ: وَالرَّسُولُ بِاعْتِبَارِ الْمَلَائِكَةِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَى الْإِرْسَالِ فِيهِمْ هُوَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ الَّذِي هُوَ مُطْلَقُ السِّفَارَةِ لَا الْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيُّ الْمَارُّ، فَالْعُمُومُ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ إلَى اللَّفْظِ (قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ النَّبِيِّ) أَيْ كَمَا أَنَّ النَّبِيَّ أَعَمُّ مِنْهُ مِنْ وَجْهٍ فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ (قَوْلُهُ: مِنْ نَوْعِ الْمَلَائِكَةِ) فِي نُسْخَةٍ مِنْ النَّوْعِ الْمَلَكِيِّ

اسم الکتاب : نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج المؤلف : الرملي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 34
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست